للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا يَحْرُمُ وَمَا يَحِلُّ مِنْ نِكَاحِ الحرائر ومن الإماء والجمع بينهن وغير ذلك من الجامع من كتاب ما يحرم الجمع بينه ومن النكاح القديم ومن الإملاء ومن الرضاع

[مسألة]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَصْلُ مَا يَحْرُمُ بِهِ النِّسَاءُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا بأنسابٍ، وَالْآخَرُ بأسبابٍ مِنْ حَادِثِ نكاحٍ أَوْ رضاعٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: المحرمات من النساء ضربان:

أحدهما: ضرب حرمت أعيانهن على التأبيد، وضرب حرم تحريم جمع فأما الْمُحَرَّمَات الْأَعْيَانِ عَلَى التَّأْبِيدِ فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: بِأَنْسَابٍ.

والثاني: بأسباب.

فأما المحرمات بالأنساب فالتحريم طارئ عليهن، وقد نص الله عَلَيْهِمَا فِي كِتَابِهِ فَنَصَّ عَلَى تَحْرِيمِ أَرْبَعَ عشرة امرأةً: سبع منهن حرمن بأنساب، وسبع منهن حرمن بأسباب.

فأما السبع المحرمات بالأنساب فضربان: ضرب حرمن برضاع وضرب حرمن بنكاح وَهُنَّ الْمَذْكُورَاتُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتِكُمْ مِنَ الرِّضَاعَةِ} (النساء: ٢٣) فَذَكَرَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ بِالرَّضَاعِ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: {وَأُمَهَّاتِ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبِكُمْ الَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أبْنَاءكُمْ الَّذِينَ مِنْ أصْلاَبِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَف} (النساء: ٢٢) وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ) (النساء: ٢٢) فذكر من المحرمات بالنكاح خمسا: أربع منهن تحريم تأبيد وخامسة تَحْرِيمَ جَمْعٍ، وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَقَدَّمَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرَ السَّبْعِ الْمُحَرَّمَاتِ بِالْأَنْسَابِ لِتَغْلِيظِ حُرْمَتِهِنَّ وَأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ وُجُودِهِنَّ، فأول من بدأ بذكرها الأم؛ لأنها أغلظ حرمة فحرمها بقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} واختلف أصحابنا في هذا التحريم المنصوص عليه إلى ماذا توجه عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ متوجه إلى العقد وَالْوَطْءِ مَعًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ مُتَوَجَّهٌ إِلَى الْعَقْدِ.

فَأَمَّا الْوَطْءُ فَمُحَرَّمٌ بِالْعَقْلِ، وَالْأَوَّلُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ لَوْ أَوْجَبَ تَحْرِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>