للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قبل أن يدخل بِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بنتها "

وروى الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " إذا تزوج الرجل المرأة ثم ماتت قبل أن يدخل بِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بِنْتُهَا " وَهَذَا نَصٌّ، وَلِأَنَّ فِي الْأُمَّهَاتِ مِنَ الرِّقَّةِ وَالْمَحَبَّةِ لِبَنَاتِهِنَّ مَا لَيْسَ فِي الْبَنَاتِ لأمهاتهن.

وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنه قال يا رسول الله ما لنا نَرِقُّ عَلَى أَوْلَادِنَا وَلَا يَرِقُّونَ عَلَيْنَا، قَالَ: لِأَنَّنَا وَلَدْنَاهُمْ وَلَمْ يَلِدُونَا فَلَمَّا كَانَتِ الْأُمُّ أَكْثَرَ رِقَّةً وَحُبًّا لَمْ تَنْفِسْ عَلَى بِنْتِهَا بِعُدُولِ الزَّوْجِ إِلَيْهَا، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ بِالْأُمِّ مَشْرُوطًا فِي تَحْرِيمِ الْبِنْتِ لِأَنَّهَا رُبَّمَا رضيت بالزوج بعد دخوله بها ما لم تضمن بِهِ قَبْلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبِنْتُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَقَلَّ رِقَّةً وَحُبًّا نَفِسَتْ عَلَى أُمِّهَا بِعُدُولِ الزَّوْجِ إِلَيْهَا فَأَفْضَى إِلَى الْقَطِيعَةِ وَالْعُقُوقِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَإِفْضَائِهِ بَعْدَهُ فَلَمْ يَجْعَلِ الدُّخُولَ شَرْطًا.

فَأَمَّا الْآيَةُ فَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ دَلَائِلِنَا مِنْهَا، وَإِنَّمَا الِاسْتِشْهَادُ بِعَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْيَمِينِ فَلِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ الِاسْتِثْنَاءُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْجُمْلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَجَازَ مَعَ الْإِطْلَاقِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى جَمِيعِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ هَاهُنَا لِمَا بَيَّنَاهُ.

فَصْلٌ

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ تَحْرِيمَ الْأُمِّ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَتَحْرِيمَ الرَّبِيبَةِ مَشْرُوطٌ بِالدُّخُولِ فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الدُّخُولِ الَّذِي تَحْرُمُ بِهِ الرَّبِيبَةُ.

فَقَالَ أبو حنيفة: هُوَ النَّظَرُ إِلَى فَرْجِ الْأُمِّ بِشَهْوَةٍ فَتَحْرُمُ بِهِ الرَّبِيبَةُ، وَقَالَ عَطَاءٌ وحماد: هو التعيش والعقود بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّ الدُّخُولَ الَّذِي تَحْرُمُ بِهِ الرَّبِيبَةُ يَكُونُ بِالْمُبَاشِرَةِ وَلَهُ فِيهِ قولان:

أحدهما: أن الوطء في الفرج.

والثاني: أنها الْقُبْلَةُ وَالْمُلَامَسَةُ بِشَهْوَةٍ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ.

وَاسْتَدَلَّ أبو حنيفة: بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ نَظَرَ إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا " قَالَ وَلِأَنَّهُ تفرع اسْتِمْتَاع فَجَازَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ كالوطء.

<<  <  ج: ص:  >  >>