للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمِلْكِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إِلَّا بِالْوَطْءِ دُونَ الْمِلْكِ فَإِذَا مَلَكَ أَمَةً لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمِلْكِهَا تَحْرِيمُ أَحَدٍ مِنْ ذَوِي أَنْسَابِهَا فلم يحرم عَلَى أَحَدٍ مِنْ ذَوِي أَنْسَابِ سَيِّدِهَا فَإِذَا وَطِئَهَا تَعَلَّقَ بِوَطْئِهَا تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ كَمَا تَعَلَّقَ بِالْعَقْدِ عَلَى الزَّوْجَةِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَأُمَّهَاتُ أمها من آبائها وإن علون ويحرم عليه بناتها وبنات أولادها وإن سفلن، ويحرم على ابنه وحده وَإِنْ عَلَا وَعَلَى ابْنِهِ وَابْنِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفُلَ، وَهَذَا التَّحْرِيمُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ مؤبد ويحرم عليه أختها وخالتها وعمتها وَبِنْتُ أَخِيهَا وَبِنْتُ أُخْتِهَا وَهَذَا التَّحْرِيمُ فِي هَؤُلَاءِ الْخَمْسِ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ لَا تَحْرِيمَ تَأْبِيدٍ ما كان على استمتاعه بأمته حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِأَحَدِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْخَمْسَةِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ تَزْوِيجٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ حَلَّ له حينئذ من شاء من هؤلاء الْخَمْسِ اللَّاتِي حُرِّمْنَ عَلَيْهِ تَحْرِيمَ جَمْعٍ أَنْ يَسْتَبِيحَهَا بِعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ وَإِنِ استباحها قبل تحريم الأولى فَإِنْ كَانَ بِعَقْدِ نِكَاحٍ كَانَ بَاطِلًا وَحُدَّ إِنْ وَطِئَهَا عَالِمًا، وَإِنْ كَانَ بِمِلْكِ يَمِينٍ لَمْ يُحَدَّ وَإِنْ عَلِمَ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الزوجة يستباح وطئها بِالْعَقْدِ وَقَدْ بَطَلَ فَوَجَبَ فِيهِ الْحَدُّ وَالْأَمَةُ يستباح وطئها بِالْمِلْكِ وَالْمِلْكُ لَمْ يَبْطُلْ فَلَمْ يَجِبْ بِالْوَطْءِ فيه حد، وخالف وطئ أُخْتِهِ بِالْمِلْكِ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى أَحَدِ القولين مع ثبوت الملك؛ لأن تحريم وطئ أخته مؤبد وتحريم وطئ أمته لعارض يزول ولا تأبد فافترق حكم تحريمها فلذلك افترق وجوب الحد فيهما هذا كله إذا كان قد وطئ أمته في الفرج فأما إن كان وَطْئِهَا دُونَ الْفَرْجِ أَوْ قَبلهَا أَوْ لَمَسَهَا فَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحْرِيمِ المصاهرة أم لا؟ على قولين كَمَا ذَكَرْنَا فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ فَعَلَى هَذَا يَحِلُّ لَهُ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَتَحِلُّ لِآبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ.

وَالْقَوْلُ الثاني: قد تعلق به تحريم المصاهرة كما لو وطء فِي الْفَرْجِ فَعَلَى هَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وبناتها ويحرم عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ.

فَأَمَّا إِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَهَا مِنْ وَرَاءِ ثَوْبٍ بِشَهْوَةٍ أَوْ غَيْرِ شَهْوَةٍ أَوْ ضَاجَعَهَا غَيْرَ مُبَاشِرٍ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ إِلَى شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهَا مُرِيدًا لِوَطْئِهَا أَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذَلِكَ تَحْرِيمٌ مَا لَمْ يَكُنْ أَفْضَى بِمُبَاشَرَةِ الجسدين، وَحُكِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ مَنْ جَرَّدَ أَمَتَهُ وَلَمْ يَطَأْهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ عَزَمَ وَالْعَزْمُ لَيْسَ بِفِعْلٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الْفِعْلِ.

فَصْلٌ

وَإِذَا وَطِئَ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِشُبْهَةِ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ ثَبَتَ بِهِ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخَوَاتُهَا وَعَمَّاتُهَا وَخَالَاتُهَا لأن تحريم أولئك تحريم تأبيد، وتحريم أولئك تَحْرِيمُ جَمْعٍ، وَالْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ مُحَرَّمَةٌ فَلَمْ يَحْصُلِ الْجَمْعُ، ثُمَّ هَلْ يَصِيرُ هَذَا الْوَطْءُ مُحَرَّمًا لأمهات هذه الموطوءة لبناتها وهل يصير آباؤه وأبناؤها محرَمًا لَهَا أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>