للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الاستطاعة للحرائر وغير الاستطاعة]

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِن مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ المْؤْمِنَاتِ) {النساء: ٢٥) وَفَيِ ذَلِكَ دليلٌ أَنَّهُ أَرَادَ الْأَحْرَارَ لِأَنَّ الملك لهم ولا يحل مِنَ الْإِمَاءِ إِلَّا مسلمةٌ وَلَا تَحِلُّ حَتَّى تجتمع شرطان أن لا يجد طول حرةٍ وَيَخَافَ الْعَنَتَ إِنْ لَمْ يَنْكحهَا وَالْعَنَتُ الزِّنَا واحتج بأن جابر بن عبد الله قال من وجد صداق امرأةٍ فلا يتزوج أمة قال طاوس لا يحل نكاح الحر الأمة وهو يجد صداق الحرة وقال عمرو بن دينارٍ لا يحل نكاح الإماء اليوم لأنه يجد طولاً إلى الحرة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي نِكَاحِ الحرائر من المسلمات والكتابيات إذا نكحن الأحرار والعبيد فأما نكاح الأمة فَلَهُ حَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَعَ الْعَبْدِ.

وَالثَّانِي: مَعَ الحر.

فأما العبد في نكاح الإماء فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَهُنَّ كَمَا يَنْكِحُ الْحَرَائِرَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ زَائِدٍ وَالْكَلَامُ فِيهِ يَأْتِي مَعَ ذِكْرِ مَا فِيهِ مِنْ خِلَافٍ.

وَأَمَّا الْحُرُّ فَحُكْمُهُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِهِ فِي نكاح الحرة فلا يجوز أَنْ يَنْكِحَهَا إِلَّا بِثَلَاثِ شَرَائِطَ تُعْتَبَرُ فِيهِ، وَشَرْطٍ رَابِعٍ يُعْتَبَرُ فِي الْأَمَةِ، فَأَمَّا الشَّرْطُ المعتبر في الأمة الإسلام، وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ.

وَأَمَّا الثَّلَاثُ شَرَائِطَ الْمُعْتَبَرَةُ في الحر:

أحدها: أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ.

وَالثَّانِي: أَنْ لا يجد طولاً لحرة.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ إِنْ لَمْ يَنْكِحْ أَمَةً، وَالْعَنَتُ الزِّنَا فَإِذَا اسْتَكْمَلَ هَذِهِ الشُّرُوطَ الثلاثة حل له نكاح أمة، وإن أخل شرط مِنْهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا.

وَقَالَ أبو حنيفة: يُعْتَبَرُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ شَرْطٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، وَلَا يُعْتَبَرُ عَدَمُ الطَّوْلِ وَخَوْفُ الْعَنَتِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: يُعْتَبَرُ فِيهِ عَدَمُ الطَّوْلِ وَخَوْفُ الْعَنَتِ وَلَا يعتبر فيه ألا تكون تَحْتَهُ حُرَّةٌ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُعْتَبَرُ فِيهِ خَوْفُ الْعَنَتِ وَحْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>