للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنْ يَخْتَرْنَ الْفَسْخَ فَذَلِكَ مُعْتَبَرٌ بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَدُهُنَّ فَقَدْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ، وَبَانَ أَنَّهُنَّ غير زوجاته مِنْ يَوْمِ أَسْلَمْنَ فَلَمْ يَقَعْ فَسْخُهُنَّ بِالْعِتْقِ، لأنهن قدمن قبله فأول عددهن من وقت إسلامهن، وقد بدأت بالعدة، وَهُنَّ إِمَاءٌ وَأَنْهَيْنَهَا وَهُنَّ حَرَائِرُ، فَهَلْ يَعْتَدِدْنَ عِدَدَ إِمَاءٍ أَوْ عِدَدَ حَرَائِرَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ يَعْتَدِدْنَ عِدَدَ إِمَاءٍ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ يَعْتَدِدْنَ عِدَدَ حَرَائِرَ اعْتِبَارًا بِالِانْتِهَاءِ وَإِنْ أسلم الزوج في عددهن وبان أن اختلاف الدين لم يؤثر في فسخ نِكَاحِهِنَّ وَإِنَّهُنَّ اخْتَرْنَ الْفَسْخَ بِالْعِتْقِ وَهُنَّ زَوْجَاتٌ فينفسخ نكاحهن باختيار الفسخ ويتعددن مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ عِدَدَ حَرَائِرَ قَوْلًا وَاحِدًا، لأنهن بدأن وَهُنَّ حَرَائِرَ.

فَصْلٌ: وَأَمَّا الْحَالُ الثَّانِيَةُ

: وَهُوَ أن يختزن الْمُقَامَ عَلَى نِكَاحِهِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ أَيْضًا بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَدُهُنَّ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ مِنْ وَقْتِ إِسْلَامِهِنَّ، وَلَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهِنَّ الْمُقَامَ تَأْثِيرٌ، وَفِي عِدَدِهِنَّ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: عِدَدُ إِمَاءٍ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ.

وَالثَّانِي: عدد حرائر اعتبارا بالانتهاء.

وإن أسلم الزوج فِي عِدَدِهِنَّ بَانَ أَنَّهُنَّ زَوْجَاتٌ وَأَنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي نِكَاحِهِنَّ، وَقَدِ اخْتَرْنَ الْمُقَامَ فِي وَقْتٍ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ اخْتِيَارُ الْمُقَامِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ حُكْمُهُ بَعْدَ إِسْلَامِ الزَّوْجِ وَيَسْقُطُ بِهِ خِيَارُ الْفَسْخِ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي الزَّوْجِ إِذَا اخْتَارَ وَاحِدَةً مِنَ الْإِمَاءِ الْمُسْلِمَاتِ مَعَهُ وفي الشِّرْكِ حُرَّةٌ مُنْتَظَرَةٌ فَلَمْ تُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، هَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ اخْتِيَارِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ، كَذَلِكَ هَاهُنَا هل يثبت حكم اختيارهن المقام أم لا على وجهين:

أحدهما: قد يثبت ويبطل بِهِ خِيَارُ الْفَسْخِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فِي وَقْتِهِ فَبَطَلَ، وَلَهُنَّ خِيَارُ الْفَسْخِ بَعْدَ إِسْلَامِ الزَّوْجِ، فإن اخترن الفسخ استأنف عِدَدَ حَرَائِرَ مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ يختزنه كُنَّ زَوْجَاتٍ، وَهُنَّ أَرْبَعٌ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ إِلَّا اثنتين فيصير له بالخيار في إمساك اثنتين وفسخ نِكَاحَ اثْنَتَيْنِ يَسْتَأْنِفَانِ مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ عِدَدَ حَرَائِرَ.

فَصْلٌ: وَأَمَّا الْحَالُ الثَّالِثَةُ

: وَهُوَ أَنْ يمسكه عَنِ اخْتِيَارِ فَسْخٍ أَوْ مُقَامٍ فَهُنَّ إِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ عَلَى حَقِّهِنَّ مِنْ خِيَارِ الْفَسْخِ، لَا يَبْطُلُ بِإِمْسَاكِهِنَّ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُنَّ كُنَّ يَتَوَقَّعْنَ الْفَسْخَ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ فَلَمْ يُنَافِ وُقُوعَ الْفَسْخِ بِاخْتِيَارٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّ خِيَارَهُنَّ قَبْلَ إِسْلَامِ الزَّوْجِ مَظْنُونٌ، وَبَعْدَ إِسْلَامِهِ مُتَحَقِّقٌ فَجَازَ أَنْ يؤخر به مِنْ وَقْتِ الظَّنِّ إِلَى وَقْتِ الْيَقِينِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ إِسْلَامُ الزَّوْجِ، فإن لم يسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>