للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنَّ الْخِيَارَ لِلْأَرْبَعِ الْمُسْلِمَاتِ فَيَنْفَسِخُ بِاخْتِيَارِهِ لَهُنَّ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ الْمُشْرِكَاتِ سَوَاءٌ أَسْلَمْنَ فِي عددهن أم لا؟ وهذا لَوْ فَسَخَ نِكَاحَ الْأَرْبَعِ الْمُتَأَخِّرَاتِ كَانَ اخْتِيَارَ النكاح الأربع المسلمات؛ لأن الاختيار والفسخ يتقابلا فَكَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَلِيلٌ عَلَى الْآخَرِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُمْسِكَ عَنِ اخْتِيَارِ الْأَرْبَعِ الْمُسْلِمَاتِ انْتِظَارًا لِإِسْلَامِ الْأَرْبَعِ الْمُشْرِكَاتِ فَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ حَتَّى مَضَتْ عِدَدُهُنَّ ثَبَتَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ الْمُتَقَدِّمَاتِ، وَإِنْ أَسْلَمْنَ فِي عِدَدِهِنَّ كَانَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْ أَيَّتِهِنَّ شَاءَ إِمَّا الْأَرْبَعِ الْمُتَقَدِّمَاتِ وَإِمَّا الْأَرْبَعِ الْمُتَأَخِّرَاتِ، وَإِمَّا عَلَى بَعْضِ الْمُتَقَدِّمَاتِ، وَيَسْتَكْمِلُ أَرْبَعًا مِنَ الْمُتَأَخِّرَاتِ، فَلَوْ مَاتَ الْأَرْبَعُ الْمُتَقَدِّمَاتُ ثم أسلم الأربع المتأخرات كان خياره باق فِي الْمَوْتَى كَبَقَائِهِ فِي الْأَحْيَاءِ، لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ لَهُنَّ إِبَانَةٌ عَنْ تَقَدُّمِ نِكَاحِهِنَّ فَإِنِ اخْتَارَ الْأَرْبَعَ الْمَوْتَى انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأَحْيَاءِ، وَكَانَ لَهُ الميراث من الموتى ومتن في زوجيته، وَإِنِ اخْتَارَ الْأَرْبَعَ الْأَحْيَاءَ ثَبَتَ نِكَاحُهُنَّ وَبَانَ به فسخ نكاح الأربع الموتى، وإنهن مُتْنَ أَجْنَبِيَّاتٍ فَلَمْ يَرِثْهُنَّ، وَإِنِ اخْتَارَ بَعْضَ الأحياء وبعض الموتى فعلى مَضَى.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَخْتَارَ الزَّوْجُ عِنْدَ إِسْلَامِ الأربع معه بعضهن وينتظر إسلام الباقيات كأنه اخْتَارَ مِنَ الْأَرْبَعِ اثْنَتَيْنِ وَتَوَقَّفَ عَنِ الِاثْنَتَيْنِ الباقيتين انتظارا لإسلام الأربع المختارات فثبت نِكَاحُ الِاثْنَتَيْنِ الْمُخْتَارَتَيْنِ، فَإِذَا أَسْلَمَ الْأَرْبَعُ الْمُتَأَخِّرَاتُ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنَ الْجَمِيعِ وَهُنَّ ست اثْنَتَيْنِ تَمَامَ أَرْبَعٍ مِنْ أَيَّتِهِنَّ شَاءَ، وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ الْبَاقِيَاتِ.

فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فَمَسْأَلَةُ الْكِتَابِ أَنْ يَقُولَ وَقَدْ أَسْلَمَ مَعَهُ من الثماني وَاحِدَةٌ قَدِ اخْتَرْتُهَا، ثُمَّ تُسْلِمُ ثَانِيَةٌ فَيَقُولُ: قَدِ اخْتَرْتُهَا، ثُمَّ تُسْلِمُ ثَالِثَةٌ فَيَخْتَارُهَا ثُمَّ تُسْلِمُ رَابِعَةٌ فَيَخْتَارُهَا فَقَدْ ثَبَتَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ الْمُسْلِمَاتِ لِاخْتِيَارِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بَعْدَ إِسْلَامِهَا وَانْفَسَخَ به نكاح الأربع المتأخرات ثم تراعي أحوالهن، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَدُهُنَّ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ مِنْ وَقْتِ إِسْلَامِ الزَّوْجِ، وَإِنْ أَسْلَمْنَ فِي عِدَدِهِنَّ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِالِاخْتِيَارِ واستأنفن العدة من وقت اختياره الرابعة لأن باختيارها ممن سِوَاهَا، فَلَا يَكُونُ الْفَسْخُ طَلَاقًا سَوَاءٌ وَقَعَ باختلاف الدينين أو بالاختيار.

وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ وَقَعَ الْفَسْخُ بِإِسْلَامِ الزَّوْجَةِ، وَتَأَخَّرَ الزَّوْجُ كَانَ طَلَاقًا، وَإِنْ وَقَعَ الْفَسْخُ بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ وَتَأَخَّرَ إِسْلَامُ الزَّوْجَةِ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا، وَكِلَا الْمَذْهَبَيْنِ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ فِيهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا كَسَائِرِ الْفُسُوخِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشافعي: " وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَقَدِ اخْتَرْتُ فَسْخَ نِكَاحِهَا لَمْ يَكُنْ هَذَا شَيْئًا إِلَّا أَنْ يُرِيدَ طَلَاقًا فَإِنِ اخْتَارَ إِمْسَاكَ أَرْبَعٍ فَقَدِ انْفَسَخَ نِكَاحُ مَنْ زَادَ عَلَيْهِنَّ (قال المزني) رحمه الله القياس عندي على قوله أنه إذا أسلم وعنده أكثر من أربع وأسلمن معه فقذف واحدةً منهن أو ظاهر أو آلى كان ذلك موقوفاً فإن اختارها كان عليه فيها ما عليه في الزوجات وإن فسخ نكاحها سقط عنه الظهار والأيلاء وجلد بقذفها ".

<<  <  ج: ص:  >  >>