للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمَّى فِيهِ مَهْرَ حرام فلها نصف مهر المثل.

والثالث: أن لَا يُسَمَّى فِيهِ مَهْرٌ فَلَهَا مَنْعُهُ كَالطَّلَاقِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ إِسْلَامُ الزَّوْجَةِ فَقَدْ بَطَلَ النِّكَاحُ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَا مَهْرَ لَهَا، لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا، وَلَمْ يَقْدِرِ الزَّوْجُ عَلَى تَلَافِيهِ فَسَقَطَ مَهْرُهَا.

فَإِنْ قِيلَ يَقْدِرُ عَلَى تَلَافِيهِ بِإِسْلَامِهِ مَعَهَا كَانَ الجواب ما مضى وخالف وجوب النفقة لها إذا تقدم إسلامها بعد دخول لِأَنَّهُ مَنْعٌ يَقْدِرُ الزَّوْجُ عَلَى تَلَافِيهِ، وَإِنْ أَسْلَمَا مَعًا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ، لِأَنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ دِينَاهُمَا إِذَا اجْتَمَعَا عَلَى الْإِسْلَامِ مَعًا، لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي الشرك على دين واحد فصار فِي الْإِسْلَامِ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ، فَلِذَلِكَ كَانَ النكاح بينهما ثابتاً.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَإِنْ قَالَ أَسْلَمَ أَحَدُنَا قَبْلَ صَاحِبِهِ فَالنِّكَاحُ مفسوخٌ وَلَا نِصْفَ مهرٍ حَتَّى يُعْلَمَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا أَنْ يُسْلِمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيُسْلِمَ الْآخَرُ بَعْدَهُ وَيُشْكَلُ عَلَيْهِمَا أَيُّهُمَا تَقَدَّمَ بِالْإِسْلَامِ، فَالنِّكَاحُ قَدْ بَطَلَ لِاسْتِوَاءِ بُطْلَانِهِ إِنْ تَقَدَّمَ إِسْلَامُ الزَّوْجِ أَوْ تَقَدَّمَ إسلام الزوجة ولم يكن للإشكال تأثير، فأما المهر فله حالتان:

إحداهما: أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ قَدْ قَبَضَتْهُ فِي الشِّرْكِ.

وَالثَّانِي: لَمْ تَقْبِضْهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ، لِأَنَّهَا تَشُكُّ فِي اسْتِحْقَاقِهِ، لِأَنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا اسْتَحَقَّتْ نِصْفَهُ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْهُ، وَمَنْ شَكَّ فِي اسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ كَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ فَشَكَّ فِي قَبْضِهِ وَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ قَدْ قَبَضَتْ مِنْهُ جَمِيعَ الْمَهْرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ، لِأَنَّهُ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ يستحقه بيقين فما الْآخَرُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ، لِأَنَّهُ شَاكٌّ فِي اسْتِحْقَاقِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْلَمَ قبلها فلا يستحقه أو أسلمت قبله فيستحقه - والله أعلم -.

[مسألة]

قال الشافعي: " فإن تَدَاعَيَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ ثابت فلا يَبْطُلُ نِصْفُ الْمَهْرِ إِلَّا بأَنْ تُسْلِمَ قَبْلَه ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا أَنْ يُسْلِمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ صَاحِبِهِ وَلَا دُخُولَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَخْتَلِفَانِ أيهما تقدم إسلامه فيقول الزوج أنت قد تَقَدَّمْتِ بِالْإِسْلَامِ فَلَا مَهْرَ لَكِ، وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ بَلْ أَنْتَ تَقَدَّمْتَ بِالْإِسْلَامِ فَلِيَ نِصْفُ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا أَنَّ الزَّوْجَ تَقَدَّمَ بِالْإِسْلَامِ عَلَيْهَا وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَهْرِ اسْتِحْقَاقُهُ بالعقد فلم يقبل دَعْوَى الزَّوْجِ فِي إِسْقَاطِهِ كَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَادَّعَى دَفْعَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ فِي ثُبُوتِهِ وَعُدُولًا عَنْ دَعْوَى إِسْقَاطِهِ.

مَسْأَلَةٌ

قال الشافعي: " وإن قالت أسلم أحدنا قبل الآخر وَقَالَ هُوَ مَعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>