للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإصابة فجاز إقرارهما على النكاح، والمرتدتان يمنعان من الإصابة فلم يجز إِقْرَارُهُمَا عَلَى النِّكَاحِ.

فَصْلٌ

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الرِّدَّةِ فِي وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا كَارْتِدَادِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَخْلُ حَالُهُمَا إِذَا ارْتَدَّا مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ، وَفِي الْمَهْرِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُغَلَّبُ فِيهِ رِدَّةُ الزَّوْجِ، لِأَنَّهُ أَقْوَى الْمُتَنَاكِحَيْنِ حَالًا، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ كما لو تفرد بِالرِّدَّةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُغَلَّبُ فِيهِ رِدَّةُ الزَّوْجَةِ، لِأَنَّ الْمَهْرَ حَقٌّ لَهَا فَكَانَ أَوْلَى الْأَمْرَيْنِ أَنْ يُغَلَّبَ فِيهِ رَدَّتُهَا، فَعَلَى هَذَا لا مهر لها كما لو تفردت بِالرِّدَّةِ، وَخَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِيهِ وَجْهًا ثَالِثًا: إِنَّ لَهَا رُبُعَ الْمَهْرِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْفَسْخِ فَسَقَطَ مِنَ النِّصْفِ نِصْفُهُ، لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ رِدَّةِ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ ارْتِدَادُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فالمهر قد استقر بالإصابة ولها أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَعُودَا جَمِيعًا إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَيَكُونَا عَلَى النِّكَاحِ.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَعُودَا مَعًا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَعُودَ الزَّوْجُ إِلَى الْإِسْلَامِ دُونَهَا فَلَا نِكَاحَ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ تَعُودَ الزَّوْجَةُ دُونَهُ فَلَا نِكَاحَ.

فَصْلٌ

وَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ الْإِصَابَةُ فِي الرِّدَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ الْمُرْتَدَّ أَوِ الزَّوْجَةُ، فَإِنْ أَصَابَهَا فِي الرِّدَّةِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ بَقَاءَ أَحْكَامِ النِّكَاحِ شُبْهَةٌ فِي إِدْرَاءِ الْحَدِّ، وَعَلَيْهِ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ حتى انقضت عدتها فاستقر المهر عليها أَنْ تَعْتَدَّ مِنْ إِصَابَتِهِ لِلِاسْتِبْرَاءِ، وَيَكُونُ الْبَاقِي مِنْ عِدَّةِ الرِّدَّةِ مَحْسُوبًا مِنَ الْعِدَّتَيْنِ.

مِثَالُهُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَهَا بَعْدَ قُرْءٍ مِنْ رِدَّتِهَا، فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ مَنْ وَقْتِ الْإِصَابَةِ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ مِنْهَا قُرْءَانِ مِنْ عِدَّتِيِ الرِّدَّةِ والإصابة، وقرء مختص بعد الْإِصَابَةِ وَإِسْلَامُهَا الَّذِي يَجْتَمِعَانِ بِهِ عَلَى النِّكَاحِ أَنْ يَكُونَ فِي عِدَّةِ الرِّدَّةِ دُونَ عِدَّةِ الْإِصَابَةِ، فَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ فِي الْبَاقِي مِنْ عِدَّةِ الرِّدَّةِ كَانَا عَلَى النكاح، فأما المهر فالذي وجب بالإصابة فقد قال الشافعي ما يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِهِ بِالْإِسْلَامِ، وَقَالَ فِي الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ إِذَا أَصَابَهَا الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ ثُمَّ رَاجَعَهَا بَعْدَ الإصابة. أن المهر لا يسقط بالرجعة وَرَجْعَةُ الْمُطَلَّقَةِ كَإِسْلَامِ الْمُرْتَدَّةِ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا لِاخْتِلَافِ جوابه على طريقين:

أحدهما: نقل جواب كل واحد مِنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى، وَتَخْرِيجُهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

أحدهما: سقوط مهرها بعود الْمُرْتَدَّةِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَرَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُرْتَدَّةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ مهرها ثَابِتٌ لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِ الْمُرْتَدَّةِ وَلَا بِرَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُطَلَّقَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>