للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب نكاح المتعة والمحلل من الجامع من كتاب النكاح والطلاق ومن الإملاء على مسائل مالكٍ ومن اختلاف الحديث

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " أخبرنا مالكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى يوم خيبرٍ عن نكاح المتعة وأكل لحوم الحمر الأهلية (قال) وإن كان حديث عبد العزيز بن عمر عن الربيع بن سبرة ثابتاً فهو مبينٌ أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحل نكاح المتعة ثم قال " هي حرامٌ إلى يوم القيامة " (قال) وفي القرآن والسنة دليلٌ على تحريم المتعة قال الله تعالى: ^ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِذَا نَكَحْتُمْ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَقْتُمُوهُنَ} فلم يحرمهن الله على الأزواج إلا بالطلاق وقال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} فجعل إلى الأزواج فرقة من عقدوا عليه النكاح مع أحكام ما بين الأزواج فكان بيناً - والله أعلم - أن نكاح المتعة منسوخٌ بالقرآن والسنة لأنه إلى مدةٍ ثم نجده ينفسخ بلا إحداث طلاقٍ فيه ولا فيه أحكام الأزواج ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: نِكَاحُ الْمُتْعَةِ حرام وهو أن يقول للمرأة: أمتعيني نفسك شَهْرًا، أَوْ مَوْسِمَ الْحَاجِّ، أَوْ مَا أَقَمْتُ فِي الْبَلَدِ، أَوْ يَذْكُرَ ذَلِكَ بِلَفْظِ النِّكَاحِ أَوِ التَّزْوِيجِ لَهَا، أَوْ لِوَلِيِّهَا بَعْدَ أَنْ يُقَدِّرَهُ بِمُدَّةٍ، إِمَّا مَعْلُومَةً أَوْ مَجْهُولَةً، فَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ الْحَرَامُ وَهُوَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وِالْفُقَهَاءِ، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وابن أبي مليكة، وابن جريج - والإمامية - رأيهم فيه جوازاً استدلالاً بقول الله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) {النساء: ٣) . فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْمُتْعَةِ الْمُقَدَّرَةِ وَالنِّكَاحِ الْمُؤَبَّدِ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَأْتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) {النساء: ٢٤) . وَهَذَا أَبْلَغُ فِي النَّصِّ.

وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ أَنَّ مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَرَجَ يَقُولُ: إِنِ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ فَاسْتَمْتِعُوا. وَهَذَا نَصٌّ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحج. فأخبر بِإِبَاحَتِهِمَا عَلَى عَهْدِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا ثَبَتَ إِبَاحَتُهُ بِالشَّرْعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تحريمه بالاجتهاد قالوا: ولأنه عقد مَنْفَعَةٍ فَصَحَّ تَقْدِيرُهُ بِمُدَّةٍ كَالْإِجَارَةِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ إِبَاحَتُهَا بِالْإِجْمَاعِ فَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُ إِلَى التحريم إلا بالإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>