للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا يَعْلَمُ بِهِ إِلَّا بَعْدَ الدخول فلها مهر المثل دون المسمى، لأنه لَمَّا ارْتَفَعَ الْعَقْدُ بِعَيْبٍ تَقَدَّمَ عَلَى الدُّخُولِ صَارَ الدُّخُولُ فِي حُكْمِ الْحَادِثِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْعَقْدِ فَسَقَطَ بِهِ الْمُسَمَّى، وَاسْتُحِقَّ بِمَا بَعْدَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ.

فَصْلٌ

فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا فَالْخِيَارُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ وَحَدَثَ عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا، لِأَنَّهَا عُيُوبٌ قد عرف الحظر فِي الْفَسْخِ بِهَا مِنْ غَيْرِ فِكْرٍ وَلَا ارْتِيَاءٍ فَجَرَى مَجْرَى الْعُيُوبِ فِي الْبَيْعِ الَّتِي يثبت فيها الخيار عَلَى الْفَوْرِ، وَخَالَفَ خِيَارَ الْأَمَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ تحت عبد في أن خيارها فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى التَّرَاخِي، لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ فِي مَعْرِفَةِ الْحَظِّ لَهَا إِلَى زَمَانِ فِكْرٍ وَارْتِيَاءٍ، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْفَسْخِ حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ فَيَحْكُمَ لَهُ بِالْفَسْخِ، لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَمْ يَثْبُتْ إِلَّا بِحُكْمٍ، وَخَالَفَ عِتْقَ الْأَمَةِ تَحْتَ عَبْدٍ فِي جَوَازِ تَفَرُّدِهَا بِالْفَسْخِ، لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنْ تَصَادَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الْعَيْبِ فَسَخَ الْحَاكِمُ النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ تَنَاكَرَا فَادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ كلف المدعي ببينة، فإن أقامها وإلا أحلف الْمُنْكِرُ وَلَا فَسْخَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنَ الْعُيُوبِ فَلَوْ تَصَادَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الْعَيْبِ وَاتَّفَقَا على الفسخ عن تراضي فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، لِأَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَ التَّنَازُعِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ ما اشتبه حكمه لم يتعين إلا بالحكم - والله أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَلِوَلِيِّهَا مَنْعُهَا مِنْ نِكَاحِ الْمَجْنُونِ كَمَا يَمْنَعُهَا من غير كفءٍ فإن قيل فهل في حكم بينهما فيه الخيار أو الفرقة؟ قيل نعم المولى يمتنع من الجماع بيمين لو كانت على غير مأثمٍ كانت طاعة الله أن لا يحنث فأرخص له في الحنث بكفارة اليمين فإن لم يفعل وجب عليه الطلاق والعلم محيطٌ بأن الضرر بمباشرة الأجذم والأبرص والمجنون والمخبول أكثر منها بترك مباشرة المولى ما لم يحنث ".

قال الماوردي: أما إذا أوصى الْوَلِيُّ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِمَنْ فِيهِ أَحَدُ هَذِهِ الْعُيُوبِ فَامْتَنَعَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ إِجْبَارُهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَبًا، لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّهَا مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهَا بِهِ لَكَانَ لَهَا الْفَسْخُ فَكَانَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهَا الِامْتِنَاعُ قَبْلَ الْعَقْدِ، فَأَمَّا إِذَا رَضِيَتْ بِمَنْ فِيهِ أَحَدُ هَذِهِ الْعُيُوبِ، وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ فَالْعُيُوبُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهُمَا: مَا لِلْوَلِيِّ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ نِكَاحِ مَنْ هِيَ فِيهِ، وَذَلِكَ الْجُنُونُ وَالْخَبَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ عار على الأولياء فكان لهم دفعه عنه بِالِامْتِنَاعِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَنْعُهَا من نكاح من هي فيه، وذلك العنت،

<<  <  ج: ص:  >  >>