للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجب، والخصاء لأنه عَارَ فِيهِ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ، وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ بِعَدَمِ الاستمتاع الذي هو حق لا دُونَ الْأَوْلِيَاءِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا فِيهِ، وَهُوَ الْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ وَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَنْعُهَا مِنْ مَجْذُومٍ وَلَا أبرص لاختصاصها بِالِاسْتِمْتَاعِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُمَا لِنُفُورِ النُّفُوسِ مِنْهُمَا، وَلِتَعَدِّي ذَلِكَ إِلَى نَسْلِهَا فَأَمَّا إِنْ حَدَثَتْ هَذِهِ الْعُيُوبُ فِي الزَّوْجِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَالْخِيَارُ لَهَا دُونَ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنْ رَضِيَتْ وَكَرِهَ الْأَوْلِيَاءُ كَانَ رِضَاهَا أَوْلَى وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْأَوْلِيَاءِ، لِأَنَّ حَقَّهُمْ مُخْتَصٌّ بِطَلَبِ الْكَفَاءَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ دون استدامته.

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا مسلمةٌ فَإِذَا هِيَ كتابيةٌ كَانَ لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ بِلَا نِصْفِ مهرٍ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا كتابيةٌ فَإِذَا هِيِ مسلمةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا خيرٌ من كتابية (قال المزني) رحمه الله هذا يدل عَلَى أَنَّ مَنِ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهَا نصرانية فأصابها مسلمةً فليس للمشتري أن يردها وإذا اشتراها على أنها مسلمةً فوجدها نصرانية فله أن يردها ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي أَنَّ خِلَافَ الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ هَلْ تَجْرِي مَجْرَى خِلَافِ الْعَيْنِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَوَجَدَهَا نَصْرَانِيَّةً فَفِي النِّكَاحِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.

وَالثَّانِي: جائز نص عليه هاهنا، وَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ أَمْ لا؟ على قولين،

أحدها: لَا خِيَارَ لَهُ.

وَالثَّانِي: لَهُ الْخِيَارُ نَصَّ عليه هاهنا، وَهَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ فَكَانَتْ مسلمة كان عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.

وَالثَّانِي: جَائِزٌ وَلَا خِيَارَ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّ الْمُسْلِمَةَ أَعْلَى حَالًا مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ، فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ، فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنِ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَكَانَتْ نَصْرَانِيَّةً أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ، وَلَوِ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ، فَكَانَتْ مُسْلِمَةً فَلَيْسَ لَهُ خِيَارٌ كَالنِّكَاحِ فَرَدَّ أَصْحَابُنَا ذَلِكَ عليه، وقالوا له: في البيع الْخِيَارِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْبَيْعِ وُفُوْرُ الثَّمَنِ، وَالثَّمَنُ يَتَوَفَّرُ بِكَثْرَةِ الطَّالِبِ وَطَالِبُ النَّصْرَانِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>