للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَرْجِعُ بِقِسْطِ ذَلِكَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَتَصِيرُ مُسْتَوْفِيَةً لِلنِّصْفِ مِنْ صَدَاقِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَنْ تَفَسَخَ وَتَرْجِعَ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فَهَذَا حُكْمُ النُّقْصَانِ إِذَا كَانَ مُتَمَيِّزًا.

إيضاح بيان الضرب الثاني

وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ كَالْعَبْدِ إِذَا كَانَ سَمِينًا فَهَزَلَ، أَوْ صَحِيحًا فَمَرِضَ، أَوْ بَصِيرًا فَعَمِيَ، فَلَهَا الْخِيَارُ، سَوَاءٌ قَلَّ الْعَيْبُ أَوْ كَثُرَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا خِيَارَ لَهَا إِلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ الْعَيْبُ.

احْتِجَاجًا: بِأَنَّهَا إِذَا رَدَّتِ الصَّدَاقَ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهِ سَلِيمًا، وَقَدْ يُخْطِئُ الْمُقَوِّمَانِ فَيُقَوِّمَانِهِ صَحِيحًا بِقِيمَتِهِ مَعَ يَسِيرِ الْعَيْبِ، لِأَنَّ يَسِيرَ الْعَيْبِ لَا يَأْخُذُ مِنَ الْقِيمَةِ إِلَّا يَسِيرًا، فَعَفَى عَنْ يَسِيرِ الْعَيْبِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ اسْتِدْرَاكُهُ، وَلَمْ يَعْفُ عَنْ كَثِيرِهِ، لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ اسْتِدْرَاكُهُ، وَلَمْ يَعْفُ فِي الْبَيْعِ عَنْ يَسِيرِهِ ولا كثيره؛ ولأنه قَدْ تَحَقَّقَ اسْتِدْرَاكُهُ فِي الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ دُونَ الْقِيمَةِ.

وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّ مَا جَازَ رَدُّهُ بِكَثِيرِ الْعَيْبِ، جَازَ رَدُّهُ بِيَسِيرِهِ، كَالثَّمَنِ؛ وَلِأَنَّهُ عَيْبٌ يَجُوزُ بِهِ الرَّدُّ فِي الْبَيْعِ فَجَازَ بِهِ الرَّدُّ فِي الصَّدَاقِ كَالْكَثِيرِ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ فَهُوَ أَنَّنَا نُوجِبُ مَعَ الرَّدِّ مَهْرَ الْمِثْلِ، فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، دُونَ الْقِيمَةِ.

ثُمَّ لَوْ وَجَبَ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ لَاقْتَضَى أَنْ يُحْمَلَ التَّقْوِيمُ عَلَى الصَّوَابِ دُونَ الْخَطَأِ، وَعَلَى فَرْقِ الْمُقَوِّمِ بَيْنَ السَّلِيمِ وَالْمَعِيبِ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا، فَلَا يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَادِثِ سَمَاءٍ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِجِنَايَةِ الزَّوْجِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ.

فَإِنْ كَانَ بِحَادِثِ سَمَاءٍ كَهُزَالِ السَّمِينِ، وَمَرَضِ الصَّحِيحِ، فَإِنْ سَمَحَتْ بِنَقْصِهِ أَخَذَتْهُ نَاقِصًا إِنْ طُلِّقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَنِصْفَهُ إِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَهُ وَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ فِيمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ نِصْفِهِ النَّاقِصِ، لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ.

وَإِنْ لَمْ تَسْمَحْ بِنَقْصِهِ كَانَ خِيَارُهَا فِي الْفَسْخِ مُعْتَبَرًا بِمَا تَرْجِعُ بِهِ لَوْ فَسَخَتْ.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّهَا تَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي الْفَسْخِ، وَتَأْخُذُهُ نَاقِصًا مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إِنْ طُلِّقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَنِصْفَهُ وَنِصْفَ أَرْشِهِ إِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَهُ. وَإِنَّمَا سَقَطَ خِيَارُهَا فِي الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ نَاقِصًا مَعَ الْأَرْشِ أَخَصُّ بِحَقِّهَا مِنَ الْعُدُولِ عَنْهُ إِلَى قِيمَتِهِ.

وَإِنْ قِيلَ: لَوْ فَسَخَتْ رَجَعَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ أَوِ الْمُقَامِ. فإن فسخت

<<  <  ج: ص:  >  >>