للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ زِيَادَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ نَقْصًا فِي الْأَرْضِ أم لا؟ على وجهين:

أحدها: أنه يكون نقصاً فيها كالغرس، وَمُخَالِفٌ لِأَطْلَاعِ النَّخْلِ، لِأَنَّ أَطْلَاعَ النَّخْلِ مِنْ ذَاتِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالنَّخْلِ قَبْلَ وَقْتِ أَطْلَاعِهِ. وَزَرْعَ الْأَرْضِ مِنْ فِعْلِ الْآدَمِيِّينَ وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا فِي غَيْرِ الزَّرْعِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ مِنَ الزَّرْعِ فَافْتَرَقَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَقْصٍ فِي الْأَرْضِ، لِأَنَّ وَقْتَ الزَّرْعِ إِذَا انْقَضَى فَلَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ زَرْعَهَا، وَالْأَغْلَبُ مِنْ أَرْضِ الزَّرْعِ أَنْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا إِلَّا بِزَرْعِهَا فَصَارَتْ بِأَطْلَاعِ النَّخْلِ أَشْبَهَ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ:

- فَإِنْ جَعَلْنَا الزَّرْعَ زِيَادَةً، وَلَمْ نَجْعَلْهُ نَقْصًا فَحُكْمُ الْأَرْضِ إِذَا زُرِعَتْ مِثْلُ حُكْمِ النَّخْلِ إِذَا أَطْلَعَتْ، وَقُلْنَا: إِنَّ الثَّمَرَةَ زِيَادَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ، لِأَنَّ الزَّرْعَ زِيَادَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ فَيَكُونُ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْأَقْسَامِ وَالْأَحْكَامِ.

- وَإِنْ جَعَلْنَا الزَّرْعَ زِيَادَةً وَنَقْصًا كَانَ فِي حُكْمِ الْغَرْسِ لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْأَرْضِ، وَأَيُّهُمَا دَعَا إِلَى الْقِيمَةِ أُجِيبَ.

فَإِنْ بَادَرَتِ الزَّوْجَةُ إِلَى قَلْعِ الزَّرْعِ فَفِي إِجْبَارِ الزَّوْجِ عَلَى قَبُولِ الْأَرْضِ إِذَا لَمْ يَضُرَّ بِهَا قَلْعُ الزَّرْعِ وَجْهَانِ كَمَا لَوْ بَادَرَتْ إِلَى قَطْعِ الثَّمَرَةِ عَنِ النَّخْلِ، وَلَكِنْ لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ، وَأُجْبِرَتْ عَلَى الدَّفْعِ وَأَيُّهُمَا دَعَا إِلَى نِصْفِ الْأَرْضِ أُجِيبَ لِتَعَيُّنِ الْحَقِّ فِيهَا وَقْتَ الطَّلَاقِ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الزَّرْعُ وَقْتَ الطَّلَاقِ وَقَدِ اسْتَحْصَدَ وَلَمْ يَحْصُدْ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا نِصْفُ الْأَرْضِ مَا لَمْ تَنْقُصِ الْأَرْضُ بِالزَّرْعِ، وَتُجْبَرُ الزَّوْجَةُ عَلَى الْحَصَادِ، وَهَكَذَا الثَّمَرَةُ إِذَا اسْتَجَدَّتْ عَلَى رُؤُوسِ نَخْلِهَا أَخَذَتِ الزَّوْجَةُ بِجَذَاذِهَا وَرَجَعَ الزَّوْجُ بِنِصْفِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ

قال الشافعي: " وَلَوْ وَلَدَتِ الْأَمَةُ فِي يَدَيْهِ أَوْ نَتَجَتِ الْمَاشِيَةُ فَنَقَصَتْ عَنْ حَالِهَا كَانَ الْوَلَدُ لَهَا دُونَهُ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهَا فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ أَنْصَافَهَا نَاقِصَةً وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ أَنْصَافَ قيمتها يوم أصدقها (قال المزني) هذا قياس قوله في أول باب ما جاء في الصداق في كتاب الأم وهو قوله وهذا خطأٌ على أصله ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ أَصْدَقَ امْرَأَتَهُ جَارِيَةً أَوْ مَاشِيَةً فَزَادَتْ فِي يَدِهِ بِحَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَقَدْ دَخَلَ حُكْمُهُ فِي أَقْسَامِ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَنَحْنُ نُشِيرُ إِلَيْهِ وَنَذْكُرُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ زِيَادَةٍ، وَنَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ الْجَارِيَةِ فَإِنَّ فِيهَا بَيَانَ الْمَاشِيَةِ.

وَأَحْوَالُ الْجَارِيَةِ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ وَقْتَ الصَّدَاقِ حَابِلًا فَتَحْمِلُ في يده بمملوك وتلد ثم تطلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>