للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الصَّدَاقُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ وَكَانَ مِلْكُ الزَّوْجِ عَلَى الْبُضْعِ مُسْتَقِرًّا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا يَفْسَدُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِلْكُ الزَّوْجَةِ لِلصَّدَاقِ مُسْتَقِرًّا قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا يَفْسَدُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ إِنْ تَلِفَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ: أَنَّ الصَّدَاقَ قَدْ بَطَلَ مِنَ الْعَقْدِ بِتَلَفِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ قِيمَتِهِ.

وَدَلِيلُهُ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الصَّدَاقَ عِوَضٌ تَعَيَّنَ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ بِتَلَفِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَيَسْتَحِقَّ الرُّجُوعَ بِالْمُعَوِّضِ دون العوض كالبيع، وهو أن يبيع الرَّجُلِ عَبْدًا بِثَوْبٍ يُسَلِّمُهُ وَيَتْلَفُ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ يَتَسَلَّمَهُ فَيَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ بِعَبْدِهِ لَا بِقِيمَةِ الثَّوْبِ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ. كَذَلِكَ تَلَفُ الصَّدَاقِ كَانَ يَقْتَضِي تَلَفُهُ الرُّجُوعَ بِالْبُضْعِ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ، لَكِنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِهِ لِلُزُومِ الْعَقْدِ مِنْهُ وَجَبَ الرُّجُوعُ بِبَدَلِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مِثْلٌ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ وَقِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بُطْلَانُ الصَّدَاقِ بِجَهَالَتِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ودون الْقِيمَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ بُطْلَانُهُ بِالتَّلَفِ بِمَثَابَتِهِ فِي الرُّجُوعِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ دُونَ قِيمَتِهِ.

فَصْلٌ

فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ: انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى التفريع عليهما.

فإن قُلْنَا بِالْقَدِيمِ: إِنَّ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْمَهْرِ: فَلَهُ حَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى يَتْلَفَ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ قيمته أكثر ما كان قيمة من وقت الْمَنْعِ إِلَى وَقْتِ التَّلَفِ إِنْ لَمْ يَكُنْ قِيمَتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَكْثَرَ، لِأَنَّهُ بِالْمَنْعِ قَدْ صَارَ غَاصِبًا فَوَجَبَ أَنْ يَضْمَنَهُ ضَمَانَ الْغَصْبِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَكُونَ مِنْهُ مَنْعٌ وَلَا مِنْهَا طَلَبٌ. فَفِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ عَقْدٍ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: ضَمَانُ غَصْبٍ.

فَإِذَا قِيلَ ضَمَانُ عَقْدٍ: فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَصْدَقَ.

وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ تَلِفَ.

وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ نُقْصَانَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ تَلْزَمَهُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ.

وَإِذَا قِيلَ: يَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْعَيْبِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مَا كَانَتْ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى وَقْتِ التَّلَفِ فِي يَدَيْهِ.

وَهَلْ يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مَا كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي سُوقِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُهَا كَالْمَغْصُوبِ، فَعَلَى هَذَا يَضْمَنُ زِيَادَةَ الْبَدَنِ، وزيادة السوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>