للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَصِحُّ وَيَكُونُ أَجَلُهُ إِلَى سَنَةٍ، وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّ جَهَالَةَ الْأَجَلِ كَجَهَالَةِ الْمِقْدَارِ فَيَكُونُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا قَوْلًا وَاحِدًا، كَمَا يَكُونُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي جَهَالَةِ الْمِقْدَارِ.

الْقَوْلُ فِي صَدَاقِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشافعي: " وَإِذَا شَاهَدَ الزَّوْجُ الْوَلِيَّ وَالْمَرْأَةَ أَنَّ الْمَهْرَ كذا ويعلن أكثر منه فَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ فِي مَوْضِعٍ السِّرُّ وَقَالَ فِي غَيْرِهِ الْعَلَانِيَةُ وَهَذَا أَوْلَى عندي لأنه إنما ينظر إِلَى الْعُقُودِ وَمَا قَبْلَهَا وَعْدٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً فِي السِّرِّ عَلَى صَدَاقٍ قَلِيلٍ، ثُمَّ يَنْكِحَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ عَلَى صَدَاقٍ كَثِيرٍ.

فَقَدْ حَكَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ: إِنَّ الصَّدَاقَ صَدَاقُ السِّرِّ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنَّ الصَّدَاقَ صَدَاقُ الْعَلَانِيَةِ، فَكَانَ الْمُزَنِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يُخَرِّجُونَ اخْتِلَافَ نَصِّهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الصَّدَاقَ صَدَاقُ السِّرِّ لِتَقَدُّمِهِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ، أَنَّ الصَّدَاقَ صَدَاقُ الْعَلَانِيَةِ، لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِظَاهِرِهِ.

وَامْتَنَعَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا مِنْ تَخْرِيجِ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَجَعَلُوهُ مَحْمُولًا عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ.

فَالْمَوْضِعُ الَّذِي جَعَلَ الصَّدَاقَ في صَدَاقَ السِّرِّ دُونَ الْعَلَانِيَةِ، إِذَا عَقَدَاهُ سِرًّا بَوْلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ ثُمَّ أَعْلَنَاهُ تَجَمُّلًا بِالزِّيَادَةِ وَإِشَاعَةً لِلْعَقْدِ، لِأَنَّ النِّكَاحَ هُوَ الْأَوَّلُ الْمَعْقُودُ سراًُ وَالثَّانِي لَا حُكْمَ لَهُ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي جَعَلَ الصداق الْعَلَانِيَةِ إِذَا تَوَاعَدَا سِرًّا وَأَتَمَّاهُ سِرًّا بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ ثُمَّ عَقَدَاهُ عَلَانِيَةً بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَوْعِدٌ، وَالثَّانِي هُوَ الْعَقْدُ فَلَزِمَ مَا تَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ دُونَ الْوَعْدِ.

وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ تَخْرِيجِ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشافعي: " وإن عُقِدَ عَلَيْهِ النِّكَاحُ بِعِشْرِينَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثُمَّ عُقِدَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِثَلَاثِينَ وَطَلَبَهُمَا مَعًا فهما لها لأنهما نكاحان (قال المزني) رحمه الله للزوج أن يقول كان الفراق في النكاح الثاني قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا مهرٌ ونصفٌ في قياس قوله ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ نَكَحَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ عَلَى صَدَاقِ عِشْرِينَ، وَشَهِدَ لَهَا شَاهِدَانِ. وَادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَكَحَهَا يوم الجمعة على صداق ثلاثين، وشهد له شَاهِدَانِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَاهِدَا الْأَوَّلِ هُمَا شَاهِدَا الثَّانِي، أَوْ يَكُونَ غَيْرُهُمَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَخْتَلِفَ الصَّدَاقَانِ أَوْ يتساويا، فإننا نحكم بالشهادتين ويثبت بهما النكاحين،

<<  <  ج: ص:  >  >>