للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلزم بهما الصداقين، لِأَنَّ لَهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَجْهًا مُمْكِنًا، وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثُمَّ يُخَالِعَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، أَوْ يُطَلِّقَهَا قَبْلَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

فَلَوْ طَالَبَتْهُ بِالصَّدَاقَيْنِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُمَا نِكَاحٌ وَاحِدٌ أَسَرَّاهُ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ بِالشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَأَعْلَنَاهُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَهَذَا مُحْتَمَلٌ.

فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الشَّاهِدَيْنِ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ شَهِدَا بِهِ عُمِلَ عَلَيْهِ وَجُعِلَ ذَلِكَ نِكَاحًا وَاحِدًا. وَحُكِمَ فِيهِ بِصَدَاقٍ وَاحِدٍ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الشُّهُودِ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا وَدَفَعْنَا مَا احْتَمَلَهُ قول الزوج بيمنها.

فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: لِلزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ طَلَّقْتُهَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا مَهْرٌ وَنِصْفٌ.

وَهَذَا صَحِيحٌ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ.

فإن ابتدأ به وقال قَبْلَ قَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ قَوْلَ الزَّوْجِ فِي إِنْكَارِ الدُّخُولِ مَقْبُولٌ. وَسَوَاءٌ ادَّعَى عَدَمَ الدُّخُولِ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي.

وَهَكَذَا لَوِ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بها في النكاحين معاً كان قوله مَقْبُولًا مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَهْرِ إِلَّا نِصْفُهُ.

وَلَوِ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا ارْتَدَّتْ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَسَقَطَ جَمِيعُ مَهْرِهَا وَأَنْكَرَتْهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَلَهَا الْمَهْرُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهَا عَلَى دِينِهَا لَمْ تَرْتَدَّ عَنْهُ.

وَعَلَى قِيَاسِ ما ذكرنا في النكاح من الْبُيُوعِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: بِعْتُكَ عَبْدِي فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ بِمِائَةٍ وَيَشْهَدُ لَهُ شَاهِدَانِ، ثُمَّ يَقُولُ وَبِعْتُكَهُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِمِائَتَيْنِ، وَيَشْهَدُ لَهُ شَاهِدَانِ، فَيُحْكَمُ لَهُ بِالثَّمَنَيْنِ ثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَإِنِ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُمَا بَيْعٌ وَاحِدٌ أَحْلَفْنَا له البائع.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَلَوْ أَصْدَقَ أَرْبَعَ نسوةٍ أَلْفًا قُسِّمَتْ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِنَّ كَمَا لَوِ اشْتَرَى أَرْبَعَةَ أعبدٍ فِي صفقةٍ فَيَكُونُ الثَّمَنُ مَقْسُومًا عَلَى قدرٍ قيمتهم (قال المزني) رحمه الله نظيرهن أن يشتري من أربع نسوةٍ من كل واحدةٍ عبداً بثمنٍ واحدٍ فتجهل كل واحدةٍ منهن ثمن عبدها كما جهلت كل واحدةٍ منهن مهر نفسها وفساد المهر بقوله أولى ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ فِي عَقْدٍ وَأَصْدَقَهُنَّ أَلْفًا، فَإِنْ بَيَّنَ مِنْهَا مَهْرَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ صَحَّ النِّكَاحُ وَالْمَهْرُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَفِي الْمَهْرِ قَوْلَانِ. وَهَكَذَا لَوْ خَالَعَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ فِي عَقْدٍ بِأَلْفٍ صَحَّ الْخُلْعُ، وَفِي صِحَّةِ الْبَدَلِ قَوْلَانِ.

وَلَوْ كَاتَبَ أَرْبَعَةَ عَبِيدٍ لَهُ فِي عَقْدٍ بِأَلْفٍ إِلَى نَجْمَيْنِ فَفِي أَصْلِ الكتابة قولان.

<<  <  ج: ص:  >  >>