للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَكُونُ الْقَوْلَانِ فِي بَدَلِ النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ مَعَ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ، وَالْقَوْلَانِ فِي الْكِتَابَةِ فِي أَصْلِهَا، لِأَنَّ فَسَادَ الْبَدَلِ فِي الْكِتَابَةِ مُبْطِلٌ لَهَا، وَلَيْسَ فَسَادُ الْبَدَلِ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ مبطلاً لهما:

- أحد القولين في هذا صَحِيحٌ وَوَجْهُهُ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَزْوِيجَهُ بِأَرْبَعٍ فِي عَقْدٍ عَلَى صَدَاقِ أَلْفٍ كَابْتِيَاعِهِ أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ فِي عَقْدٍ بِأَلْفٍ وَذَلِكَ يَجُوزُ إِجْمَاعًا، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ هَذَا حِجَاجًا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَعْقُودٌ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ مَهْرُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي ثَانِي حَالٍ بِأَنْ يُقَسِّطَ الْأَلْفَ عَلَى مُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فِي الْحَالِ فَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنَ الصِّحَّةِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى صُبْرَةَ طَعَامٍ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ جَهِلَ الثَّمَنَ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ بِمَا يَصِيرُ مَعْلُومًا فِي ثَانِي حَالٍ.

- وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ اخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ، كُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَوَجْهُهُ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَهُوَ أَنَّ مَهْرَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنَ الْأَلْفِ مَجْهُولٌ فِي حَالِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحَّ وَإِنْ أَمْكَنَ الْعِلْمُ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْعَقْدِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى انْفِرَادِهَا بِقِسْطِ مَهْرِ مِثْلِهَا مِنَ الْأَلْفِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الِانْفِرَادِ، فَكَذَلِكَ مَعَ الِاجْتِمَاعِ.

وَالثَّانِي: ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ، أَنَّ تَزَوُّجَهُ لَهُنَّ بِالْأَلْفِ كَابْتِيَاعِهِ أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ مِنْهُنَّ بِأَلْفٍ، وَهُوَ فِي الْبَيْعِ بَاطِلٌ، فَكَذَلِكَ فِي الصَّدَاقِ بَاطِلٌ، لِأَنَّ مَا بَطَلَ بِهِ أَحَدُهُمَا مِنَ الْجَهَالَةِ بَطَلَ بِهِ الْآخَرُ. فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ.

فَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ يُخَرِّجُ هَذَا الْبَيْعَ عَلَى قَوْلَيْنِ كَالصَّدَاقِ، وَالْخُلْعِ، وَالْكِتَابَةِ، وَيُسَوِّي بَيْنَ الْجَمِيعِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّهُ بَاطِلٌ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَبْطُلِ النِّكَاحُ بِفَسَادِ الصَّدَاقِ لَمْ يَبْطُلِ الصَّدَاقُ بِالْجَهَالَةِ بِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْبَيْعِ الثَّمَنُ فَجَازَ أَنْ يَبْطُلَ بِالْجَهَالَةِ بِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنَ النِّكَاحِ الصَّدَاقُ، فَجَازَ أَنْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا وَقْتَ الْعَقْدِ إِذَا انْتَفَتْ عَنْهُ الْجَهَالَةُ مِنْ بَعْدُ.

فَأَمَّا تَوْجِيهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ تَزْوِيجَهُنَّ عَلَى صَدَاقِ أَلْفٍ كَابْتِيَاعِ أَرْبَعَةِ أَعْبُدٍ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْعَقْدَ إِذَا كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ جِهَتَيْهِ عَاقِدٌ وَاحِدٌ كَانَ عَقْدًا وَاحِدًا، وَإِذَا كَانَ فِي أَحَدِ جِهَتَيْهِ عَاقِدَانِ كَانَ عَقْدَيْنِ. أَلَا تَرَى لَوِ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ عَبْدًا وَوَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا كَانَ لَهُ رَدُّ نِصْفِ الْعَبْدِ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَلَوِ اشْتَرَاهُ من واحد لم يكن له لأن شراؤه مِنَ اثْنَيْنِ يَكُونُ عَقْدَيْنِ، وَمِنَ الْوَاحِدِ يَكُونُ عَقْدًا وَاحِدًا. كَذَلِكَ إِذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>