للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذِهِ شُرُوطٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا مَنَعَتْهُ مِمَّا لَهُ فِعْلُهُ، وَتَوَجَّهَتْ إِلَى الصَّدَاقِ دُونَ وُجُودِ مَقْصُودِ النِّكَاحِ مَعَهَا.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِلصَّدَاقِ الْمُسَمَّى حالان:

أحدهما: أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَيَبْطُلُ الْمُسَمَّى لِبُطْلَانِ الشُّرُوطِ الَّتِي قَابَلَهَا جُزْءٌ مِنْهُ فَصَارَ بِهِ مَجْهُولًا، وَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسَمَّى مِنَ الصَّدَاقِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَفِيمَا تَسْتَحِقُّهُ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ تَعْلِيلًا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ بُطْلَانِ الْمُسَمَّى بِمَا قَابَلَهُ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي صَارَ بِهَا مَجْهُولًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيِّ إِنَّهَا تَسْتَحِقُّ المسمى لأن لا يَجْتَمِعَ عَلَيْهَا بَخْسَانِ: بَخْسٌ بِإِسْقَاطِ الشُّرُوطِ، وَبَخْسٌ بِنُقْصَانِ الْمَهْرِ.

وَلِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ مَعَ مَا شَرَطَتْ إِلَّا بِزِيَادَةِ مَا سَمَّتْ فَإِذَا مُنِعَتِ الشُّرُوطَ لَمْ تُمْنَعِ الْمُسَمَّى.

فَصْلٌ: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ

: وَهُوَ مَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاخْتِلَافِ مُشْتَرِطِهِ، فَهُوَ مَا مَنَعَ مَقْصُودَ الْعَقْدِ فِي إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى، فَمِثْلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ جِهَتِهَا، فَتَزَوَّجَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، لِأَنَّهَا قَدْ مَنَعَتْهُ مَا اسْتَحَقَّهُ عَلَيْهَا، مِنْ مَقْصُودِ الْعَقْدِ.

وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ جِهَتِهِ، فَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا فَالنِّكَاحُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ صَحِيحٌ، لِأَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ عن وَطْئِهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الشَّرْطِ مَنْعٌ مِنْ مُوجَبِ الْعَقْدِ.

وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَطَأَهَا فِي النِّكَاحِ مَرَّةً وَاحِدَةً، عَلَى قَوْلِهِ إِذَا شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَطَأَهَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ كَمَا لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا.

وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ لِمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْعِنِّينِ.

فَأَمَّا إِذَا كَانَ الشَّرْطُ أَنْ يَطَأَهَا لَيْلًا دُونَ النَّهَارِ، فَقَدْ حَكَى أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْأَنْمَاطِيِّ أَنَّهُ إِنْ شَرَطَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا ذَلِكَ صَحَّ الشَّرْطُ، لِأَنَّهُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَإِنْ شَرَطَتِ الزَّوْجَةُ ذَلِكَ بَطَلَ النِّكَاحُ، لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مَقْصُودَ الْعَقْدِ، وَهَذَا صَحِيحٌ. وَلَا يُخَالِفُ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ.

فَأَمَّا إِنْ كَانَ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا:

فَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَتِهَا صَحَّ النِّكَاحُ، لِأَنَّ لَهَا الْعَفْوَ عَنِ الْقَسْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>