للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَوِي فِي حَظْرِ الْمَوْهُوبَةِ حَالُ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهَا كُلُّ زَوْجٍ من كُلِّ زَوْجَةٍ انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى تَفْصِيلِ الْفُرْقَةِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ بِهِ الْمُتْعَةَ، وَالْفُرْقَةُ الْوَاقِعَةُ بَيْنَ الزوجين تنقسم خَمْسَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ بِالْمَوْتِ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مِنَ الزَّوْجِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ مِنَ الزَّوْجَةِ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ مِنْهُمَا.

وَالْخَامِسُ: أن تكون من أجنبي غيرهما.

فصل: الْقِسْمِ الْأَوَّلِ

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْفُرْقَةُ بِالْمَوْتِ فَلَا مُتْعَةَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِمَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ سَوَاءٌ تَوَارَثَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَهَا لِلْمُطَلَّقَةِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ عِصْمَتَهَا وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِي الْوَفَاةِ، وَهَكَذَا لَوْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِمِيرَاثٍ عَنْ وَفَاةٍ بِأَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ أَمَةً فَيَرِثُهَا الزَّوْجُ أَوْ يَكُونُ الزَّوْجُ عَبْدًا فَتَرِثُهُ الزَّوْجَةُ فَقَدْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَ صَاحِبَهُ، وَإِذَا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِالتَّوَارُثِ فَلَا مُتْعَةَ؛ لِأَنَّهَا عَنِ الْمَوْتِ حَدَثَتْ؛ وَلِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْوَارِثَ لَهَا فَهِيَ أَمَتُهُ وَالْأَمَةُ لَا تَمْلِكُ فِي ذِمَّةِ سَيِّدِهَا مَالًا فَلَمْ يَجِبْ لَهَا عَلَيْهِ مُتْعَةٌ، وَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ هِيَ الْوَارِثَةَ لَهُ فَقَدْ صَارَ عَبْدًا لَهَا، وَالسَّيِّدُ لَا يَثْبُتُ لَهُ فِي ذِمَّةِ عَبْدِهِ مَالٌ فَلَمْ يجب لها عليه متعة.

فصل: الْقِسْمِ الثَّانِي

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْفُرْقَةُ مِنَ الزَّوْجِ دُونَهَا، فَخَمْسُ فِرَقٍ:

أَحَدُهَا: الطَّلَاقُ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْمُتْعَةِ عَلَى مَا مَضَى.

وَالثَّانِي: بِاللِّعَانِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ تَمَّ بِهِمَا فَالْفُرْقَةُ وَاقِعَةٌ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ فَهُوَ كَالطَّلَاقِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُتْعَةِ بِهِ؛ وَلِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِهِ أَغْلَظُ مِنَ الْفُرْقَةِ بِالطَّلَاقِ لِتَأْبِيدِهَا فَكَانَتْ بِوُجُوبِ الْمُتْعَةِ أَحَقَّ.

وَالثَّالِثُ: الرِّدَّةُ، وَهُوَ أَنْ يَرْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ فَتَقَعَ الْفُرْقَةُ بِرِدَّتِهِ فَتَكُونُ كَالْفُرْقَةِ بِالطَّلَاقِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا وَجَبَتْ بِالطَّلَاقِ الْمُبَاحِ كَانَ وُجُوبُهَا بِالرِّدَّةِ الْمُحَرَّمَةِ أَوْلَى.

وَالرَّابِعُ: الْإِسْلَامُ وَهُوَ أَنْ يُسْلِمَ الزَّوْجُ دُونَهَا فَتَبِينُ بِإِسْلَامِهِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ كَالطَّلَاقِ، لِأَنَّهَا لَمَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِفُرْقَةِ كُفْرِهِ كَانَ وُجُوبُهَا بِفُرْقَةِ إسلامه أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>