للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُعْتِقُ عَنْهَا نِصْفَهُ، وَيُقَوِّمُ عَلَيْهَا نِصْفَهُ الْبَاقِي إِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً؛ لِأَنَّ عِتْقَ نِصْفِهِ كَانَ بِاخْتِيَارِهَا فَلِذَلِكَ وَجَبَ تَقْدِيمُ بَاقِيهِ عَلَيْهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَيْهَا فِي التَّقْوِيمِ وَإِدْخَالِهِ عَلَى الْعَبْدِ، وَعَلَى السَّيِّدِ فِي التَّبْعِيضِ وَتَرْجِعُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِ بِبَدَلِهِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: قِيمَةُ نِصْفِ الْعَبْدِ.

وَالثَّانِي: نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا لِيَرْفَعَ ذَلِكَ الضَّرَرَ عَنِ الْجَمِيعِ.

فَرْعٌ: وَإِذَا أَصْدَقَ الذِّمِّيُّ زَوْجَتَهُ الذِّمِّيَّةَ خَمْرًا فَصَارَ الْخَمْرُ فِي يَدِ الزَّوْجِ خَلًّا بِغَيْرِ عِلَاجٍ، وَأَسْلَمَ الزَّوْجَانِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَصِيرَ الْخَمْرُ خَلًّا قَبْلَ إِسْلَامِهِمَا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهَا بَعْدَ مَصِيرِهِ خَلًّا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَصِيرَ خَلًّا بَعْدَ إِسْلَامِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ خَلًّا إِلَيْهَا، وَيَدْفَعُ إِلَيْهَا مَهْرَ مِثْلِهَا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ يَجُوزُ دَفْعُهُ خَمْرًا، فَلِذَلِكَ وَجَبَ دَفْعُهُ بَعْدَ مَصِيرِهِ خَلًّا لِبَقَاءِ حُكْمِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ، وَبَعْدَ الْإِسْلَامِ، لَا يَجُوزُ دَفْعُهُ خَمْرًا فَلَمْ يَجِبْ دَفْعُهُ بَعْدَ مَصِيرِهِ خَلًّا لِانْتِفَاءِ حُكْمِ الصَّدَاقِ عَنْهُ، فَلَوْ دَفَعَ الْخَمْرَ إِلَيْهَا فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَا، وَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْخَمْرِ لِأَنَّ الْخَمْرَ لَا يَسْتَحِقُّهُ مُسْلِمٌ وَلَا بِقِيمَتِهِ لِأَنَّنَا لَا نَحْكُمُ لَهُ بِقِيمَتِهِ وَلَا بِبَدَلِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا بَدَلَ لَهُ، فَلَوْ كَانَ الْخَمْرُ قَدْ صَارَ خَلًّا قَبْلَ طَلَاقِهِ فَفِي رُجُوعِ الزَّوْجِ بِنِصْفِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْخَلِّ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الصَّدَاقِ مَوْجُودَةٌ عَلَى صِفَةٍ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ مَعَهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِهِ لِزِيَادَتِهِ عَنْ حَالِ مَا أَصْدَقَ، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ فِي هَذَا الطَّلَاقِ، وَلَا فَرْقَ هَاهُنَا بَيْنَ أَنْ يَصِيرَ خَلًّا قَبْلَ إِسْلَامِهَا أَوْ بَعْدَهُ لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهَا عَلَيْهِ بِالْقَبْضِ، وَلَكِنْ لَوْ صَارَ خَلًّا بَعْدَ الطَّلَاقِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ، وَجْهًا وَاحِدًا لِكَوْنِهِ وَقْتَ طَلَاقِهَا غَيْرَ مُسْتَحَقٍّ، وَلَوْ صَارَ قَبْلَ طَلَاقِهَا فَاسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْخَلِّ وَجْهًا وَاحِدًا، وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِهِ مِنْ قِيمَةِ الصَّدَاقِ مُعْتَبَرٌ بِأَقَلِّ أَحْوَالِهِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى وَقْتِ الْقَبْضِ، وَقَدْ كَانَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>