للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة]

قال الشافعي: " وَلِلْأَمَةِ أَنْ تُحَلِّلَهُ مِنْ قَسْمِهَا دُونَ الْمَوْلَى ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ الْقَسْمَ حَقٌّ لَهَا دُونَ سَيِّدِهَا، لِأَنَّهُ إِلْفٌ لَهَا وَسَكَنٌ فَإِنْ حَلَّلَتْ زَوْجَهَا مِنَ الْقَسْمِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ السَّيِّدُ وَلَوْ حَلَّلَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ، وَخَالَفَ ذَلِكَ الْمَهْرَ الَّذِي إِنْ عَفَا عَنْهُ السَّيِّدُ صَحَّ، وَإِنْ عَفَتْ عَنْهُ الْأَمَةُ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّ الْمَهْرَ لِلسَّيِّدِ دُونَهَا فَصَحَّ عَفْوُهُ دُونَهَا، وَالْقَسْمُ لَهَا دُونَ السَّيِّدِ فصح عفوها عنه دون السيد.

[مسألة]

قال الشافعي: " ولا يجامع المرأة لا فِي غَيْرِ يَوْمِهَا وَلَا يَدْخُلُ فِي اللَّيْلِ عَلَى الَّتِي لَمْ يَقْسِمْ لَهَا (قَالَ) وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا بِالنَّهَارِ فِي حاجةٍ وَيَعُودَهَا فِي مَرَضِهَا فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا فَإِذَا ثَقُلَتْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا حَتَّى تَخِفَّ أَوْ تَمُوتَ ثُمَّ يُوَفِّي مَنْ بَقِيَ مِنْ نِسَائِهِ مِثْلَ مَا أَقَامَ عِنْدَهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ عِمَادَ الْقَسْمِ اللَّيْلُ دُونَ النَّهَارِ لَكِنَّ النَّهَارَ دَاخِلٌ فِي الْقَسْمِ تَبَعًا لِلَّيْلِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ زَمَانِ الْقَسْمِ اللَّيْلَ لِسَعَةِ الْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ، لِأَنَّ الْيَوْمَ تَبَعٌ لِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ اللَّيْلِ دُونَ مَا تَأَخَّرَ، وَلِذَلِكَ كَانَ أَوَّلُ الشَّهْرِ دُخُولَ اللَّيْلِ، فَإِنْ جَعَلَ أَوَّلَ زَمَانِ الْقَسْمِ النَّهَارَ مَعَ اللَّيْلَةِ الَّتِي بَعْدَهُ، جَازَ وَيَصِيرُ مُقَدِّمًا لِلتَّابِعِ عَلَى الْمَتْبُوعِ، فَإِذَا قَسَمَ لَهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ عِنْدَهَا لَيْلًا لَا يَخْرُجُ فِيهِ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَيَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ نَهَارًا لِلتَّصَرُّفِ فِي أَشْغَالِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ نِسَائِهِ فَإِنْ كَانَ فِي النَّهَارِ جَازَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْ نِسَائِهِ دُخُولَ غَيْرِ مُسْتَوْطِنٍ عِنْدَهَا وَلَا مُقِيمٍ بَلْ لِيَسْأَلَ عَنْهَا وَيَتَعَرَّفَ خَبَرَهَا وَيَنْظُرَ فِي مَصَالِحِهَا أَوْ مَصَالِحِ نَفْسِهِ عِنْدَهَا وَيَجُوزُ لَهُ فِي دُخُولِهِ عَلَيْهَا أَنْ يقبلها ويمسها من غير وطئ لما روينا من حديث عائشة - رضي الله تعالى عنها - أَنَّهَا قَالَتْ: " قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدخل على نسائه فيدنو من كل امرأة مِنْهُنَّ فَيُقَبِّلُ وَيَلْمَسُ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ وَلَا مُبَاشَرَةٍ ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَ الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا "، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْقَسْمِ اللَّيْلُ دُونَ النَّهَارِ فَإِذَا دَخَلَ النَّهَارُ عَلَى وَاحِدَةٍ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَى صَاحِبَةِ الْقَسْمِ حَقَّهَا مِنْهُ، وَكَانَ دُخُولُهُ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ نِسَائِهِ كَدُخُولِهِ عَلَى غَيْرِ نِسَائِهِ، فَأَمَّا وَطْؤُهُ لِغَيْرِهَا فِي النَّهَارِ فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْوَطْءَ مَقْصُودُ الْقَسْمِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي زَمَانِ غَيْرِهَا.

وَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَخَلَ عَلَى زَوْجَتِهِ حَفْصَةَ فِي يَوْمِهَا فَوَجَدَهَا قَدْ خَرَجَتْ لِزِيَارَةِ أَبِيهَا فَاسْتَدْعَى مَارِيَةَ فَخَلَا بِهَا فَلَمَّا عَلِمَتْ حَفْصَةُ عَتَبَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقالت فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَرْضَاهَا بِتَحْرِيمِ مَارِيَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَمَرَهَا أَنْ لا

<<  <  ج: ص:  >  >>