للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة]

قال الشافعي: " وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَقْسِمَ لَيْلَتَيْنِ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَأَكْرَهُ مُجَاوَزَةَ الثَّلَاثِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، الْأَوْلَى بِالزَّوْجِ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ نِسَائِهِ أَنْ يَقْسِمَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَيْلَةً لَيْلَةً اتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْقَسْمِ بَيْنَ نِسَائِهِ، وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى استيفاء حقوقهن، فإنه جَعَلَ الْقَسْمَ لَيْلَتَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ جَازَ، وَكَذَلِكَ لو جعله ثلاث ليال، لأن آخِرُ حَدِّ الْقِلَّةِ وَأَوَّلُ حَدِّ الْكَثْرَةِ وَلَا اعْتِرَاضَ لَهُنَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَلْ هُوَ إِلَى خِيَارِهِ دُونَهُنَّ، فَأَمَّا إِنْ أَرَادَ الزِّيَادَةَ عَلَى ثَلَاثٍ، بِأَنْ يَقْسِمَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ أُسْبُوعًا أَوْ شَهْرًا، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ يقسم مياومة ومشاهرة ومسانهة.

وَهَذَا إِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ مَعَ رِضَاهُنَّ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَرْضَيْنَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجَاوِزَ بِهِنَّ ثَلَاثًا، وَلِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ دَخَلَ فِي الْكَثْرَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَفْوِيتُ حُقُوقِهِنَّ فِيهَا بِالْمَوْتِ فَإِنْ قَسَمَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَهْرًا فَقَدْ أَسَاءَ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ لِلْبَاقِيَاتِ شَهْرًا شَهْرًا، فَإِذَا اسْتَوْفَيْنَ الشَّهْرَ فَلَهُنَّ أَنْ يُلْزِمْنَهُ تَقْلِيلَ الْقَسْمِ إِلَى ثَلَاثٍ.

فَصْلٌ

فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ فِي مُدَّةِ قَسْمِهَا، وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْهَا بَقِيَّةٌ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا سَقَطَ بَاقِيهِ سَوَاءٌ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ نَكَحَهَا لَمْ يَقْضِهَا بَقِيَّةَ قَسْمِهَا وَلَا مَا مَضَى مِنْ نَوْبِ الْقَسْمِ بَعْدَ طَلَاقِهَا، وَقَبْلَ نِكَاحِهَا وَإِنْ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَقْضِيَهَا مَا تَجَدَّدَ مِنْ نَوْبِ الْقَسْمِ بَعْدَ طَلَاقِهِ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ النَّوْبَةِ الَّتِي كَانَ الطَّلَاقُ فِيهَا فَإِنَّكَ تَنْظُرُ فَإِنْ كَانَتْ آخِرَ النِّسَاءِ قَسْمًا فِي النَّوْبَةِ قَضَاهَا بَقِيَّةَ أَيَّامِهَا فِي تِلْكَ النَّوْبَةِ، لِأَنَّهَا قَدِ اسْتَحَقَّتْهَا بِالْقَسْمِ لِمَنْ تَقَدَّمَهَا وَإِنْ كَانَتْ أَوَّلَ النِّسَاءِ قَسْمًا فِي النَّوْبَةِ لَمْ يَقْضِهَا بَقِيَّةَ أَيَّامِهَا، لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ قَسْمٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ اسْتِكْمَالَهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ لِمَنْ سِوَاهَا مِثْلَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أراد أن يتقصر بِهَا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ لِيَقْسِمَ لِلْبَاقِيَاتِ مِثْلَهُ جَازَ إِذَا كَانَتْ أَوَّلَهُ وَلَمْ يَجُزْ إِذَا كانت آخره.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَيَقْسِمُ لِلْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلِلَّتِي آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا وَلَا يَقْرَبْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ لِأَنَّ فِي مَبِيتِهِ سُكْنَى وَإِلْفًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، وَالْقَسْمُ لِلْإِلْفِ وَالسَّكَنِ لَا لِلْجِمَاعِ فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ أَنْ يَقْسِمَ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى جِمَاعِهَا أَوْ لَمْ يَقْدِرْ مِنَ الْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالَّتِي آلَى مِنْهَا أَوْ ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>