للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ فِي الِاخْتِيَارِ: أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، وَفِي الْجَوَازِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ فِي الِاخْتِيَارِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ.

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخَرِيُّ: آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ فِي الِاخْتِيَارِ، وَالْجَوَازُ أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ.

وَاسْتَدَلَّ أبو حنيفة بقوله تعالى: {فسبح بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: ٣٩]- يَعْنِي - صَلَاةَ الْعَصْرِ.

وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَفُوتُ وَقْتُ صَلَاةٍ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى " وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ ".

وَحَدِيثُ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ بِالصَّلَاةِ حين زاغت الشمس مثل الشراك فصلى الظهر ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ إِلَى أَنْ قَالَ وَصَلَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ ".

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَامَ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صِلَاتِهِ ذَكَرْنَا تَعْجِيلَ الصَّلَاةِ، أَوْ ذِكْرَهَا فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: " تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ ثَلَاثًا فَجَلَسَ أَحَدُهُمْ حَتَّى إِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ وَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطِانٍ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِمَا إِلَّا قَلِيلًا، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ عَرَفَ أَوَّلَ وَقْتِهَا بِالظِّلِّ فَوَجَبَ أَنْ يَعْرِفَ آخِرَ وَقْتِهَا بِالظِّلِّ كَالظُّهْرِ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فِي بَعْضِ وَقْتِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَنْفَصِلَ وَقْتُهَا عَنْ وَقْتِ مَا بَعْدَهَا كَالصُّبْحِ، وَيُحْمَلُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ أبو حنيفة مِنَ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ عَلَى وَقْتِ الْجَوَازِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخَرِيُّ فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ فِي تَحْدِيدِ وَقْتِ الْعَصْرِ بِأَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، فَأَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ فَبَاقٍ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ لِرِوَايَةِ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>