للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا مِنْهُ، لِأَنَّ عَقْدَ طَلَاقِهَا كَانَ وَهِيَ زَوْجَةٌ وَيَكُونُ تَأْثِيرُهُ أَن لا تَحِلَّ لَهُ إِلَّا بِزَوْجٍ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّهَا فِي حَالٍ لَوْ بَاشَرَهَا بِالطَّلَاقِ الْمُعَجَّلِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا، فَإِذَا صَادَفَهَا طَلَاقٌ مُؤَجَّلٌ فَأَوْلَى أَن لا يَقَعَ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ الصِّفَةَ بِدُخُولِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ قَدْ تَأْتِي وَهِيَ زَوْجَةٌ لِغَيْرِهِ فَتُطَلَّقُ تَحْتَ زَوْجٍ مِنْ غَيْرِهِ وَرُبَّمَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَتَصِيرُ طَالِقًا مِنْ زَوْجَيْنِ، وَهَذَا مُسْتَحِيلٌ.

وَلِأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِصِفَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ وُجِدَتِ الصِّفَةُ لَمْ يُعْتَقْ وَإِنْ عَقَدَهَا فِي مِلْكِهِ فَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ.

وَفِيهِ رَدٌّ عَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ.

وَإِذَا لَمْ يَلْحَقْهَا الطَّلَاقُ فَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ لَمْ يطلق بِدُخُولِ مَا بَعْدَهَا مِنَ السِّنِينَ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ لَمْ يُجْعَلْ أَجَلًا لِطَلَاقِهَا وَلَا صِفَةً فِيهِ وَلِذَلِكَ تَوَصَّلْنَا بِالْخُلْعِ إِلَى رَفْعِ مَا عَلَّقَ بِهِ مِنَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مِنَ الشُّرُوطِ وَالصِّفَاتِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهَا: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَإِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَلَا تَجِدُ بُدًّا مِنْ دُخُولِ الدَّارِ، ومن كلام زيد، فيخالفها عَلَى طَلْقَةٍ ثُمَّ تَدْخُلُ الدَّارَ وَتُكَلِّمُ زَيْدًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَلَا تُطَلَّقُ، لِأَنَّهَا مُخْتَلِعَةٌ بَائِنٌ، وَالْمُخْتَلِعَةُ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا مِنْ وَقْتِهِ إِنْ شَاءَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَإِذَا دَخَلَتْ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا الدَّارَ وَكَلَّمَتْ زَيْدًا لَمْ تُطَلَّقْ، لِأَنَّ الصِّفَةَ إِذَا لَمْ يَقَعْ بِهَا الطَّلَاقُ عِنْدَ وُجُودِهَا سَقَطَتْ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ حُكْمٌ.

وَهَذَا مِمَّا وَافَقَنَا عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنَّ وُجُودَ الصِّفَةِ بَعْدَ الْخُلْعِ لَا يُسْقِطُهَا، وَأنَّ الْخُلْعَ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي رَفْعِ الصِّفَاتِ وإِذَا وُجِدَتْ فِي النِّكَاحِ. قَالُوا لِأَنَّ قَوْلَهُ: إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَوُجُودُ الزَّوْجَةِ مُضْمَرٌ فِي الصِّفَةِ وَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ: إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ وَأَنْتِ زَوْجَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَصَارَتِ الصِّفَةُ مُفِيدَةً بِشَرْطٍ فَإِذَا وُجِدَتْ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ لَمْ يَسْقُطْ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ صَائِمَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْهَا مُفْطِرَةً لَمْ تَسْقُطِ الصِّفَةُ، وَطُلِّقَتْ إِذَا دَخَلَتْهَا مِنْ بَعْدُ وَهِيَ صَائِمَةٌ.

وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ إِضْمَارَ الصِّفَاتِ لَا يُعْتَمَدُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، وَلَا أَنْ يُعْتَدَّ الْمَشْرُوط بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. أَلَا تَرَاهُ لَوْ قَالَ لَهَا: إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْهَا زَحْفًا أَوْ حَبْوًا طُلِّقَتْ، وَإِنْ كَانَ دُخُولًا يُخَالِفُ الْعَادَةَ، وَلَمْ يَجْعَلِ الْعَادَةَ بِدُخُولِهَا مَشْيًا شَرْطًا فِي الصِّفَةِ الَّتِي يَقَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>