للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَقْصُودٌ رَوْعِيَ تَقْدِيمُهُ فَصَارَ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَمَّا كَانَ (إِذَا) شَرْطًا فِي الْوَقْتِ، وَكَانَ جَمِيعُهُ مُتَسَاوِيًا صَارَ عَلَى التَّرَاخِي. وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمَا حَرْفُ النَّفْيِ فَيَكُونُ حُكْمُهُمَا بِضِدِّ مَا تَقَدَّمَ مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ: إِنْ لَمْ تَشَائِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي، فَمَتَى شَاءَتْ لَمْ تُطَلَّقْ، وَلَوْ قَالَ: إِذَا لَمْ تَشَائِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ، فَإِنْ شَاءَتْ فِي الْحَالِ لَمْ تُطَلَّقْ وَإِنْ لم تشاء حتى تراخي الزمان طلقت، كمن لم تشاء لأنهما وإن كان حرفي شرط فإن مَوْضُوعَةٌ لِلشَّكِّ وَالتَّوَهُّمِ فَصَارَتْ بِالنَّفْيِ عَلَى التَّرَاخِي لتفيد بفوات الفعل يقيناً فذلك جُعِلَتْ عَلَى التَّرَاخِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذَا لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلْيَقِينِ، فَإِذَا تَأَخَّرَ الْفِعْلُ عَنْ وَقْتِ إِمْكَانِهِ فَقَدْ خَالَفَ مَوْضُوعَهُ فَلِذَلِكَ صَارَ عَلَى الفور.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهَا زَائِدَةً فَعَلَيْهِ طَلْقَةٌ لِأَنَّهَا أَعْطَتْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَزِيَادَةً) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَدْ ذَكَرْنَا إِنْ أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ، وَهُوَ خِيَارُ الْجَوَابِ، لَا خِيَار الْقَبُولِ، فَإِذَا أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ لَمْ يَخْلُ حَالُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تُعْطِيَهُ أَلْفًا كَامِلَةً مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ، فَقَدْ طُلِّقَتْ وَاحِدَةً إِنْ لَمْ يُرِدِ الزَّوْجُ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَسَوَاءٌ دَفَعَتِ الْأَلْفَ إِلَيْهِ فِي دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي دَفَعَاتٍ إِذَا كَانَ دَفْعُ جَمِيعِهَا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ، لِأَنَّ دَفْعَ الْأَلْفِ قَدْ وُجِدَ مَعَ الِافْتِرَاقِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَدْفَعَ إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ، كَأَنَّهَا دَفَعَتْ إِلَيْهِ أَلْفَيْنِ، فَإِنْ دَفَعَتِ الزِّيَادَةَ مُفْرَدَةً طُلِّقَتْ إِجْمَاعًا، وَإِنْ دَفَعَتِ الزِّيَادَةَ مَعَ الْأَلْفِ فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ، وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ مُعْتَبَرَةً بِصِفَةِ الشَّرْطِ كَالنُّقْصَانِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: قَدْ بِعْتُكَ دَارِي بِأَلْفٍ فَقَالَ قَدِ اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفَيْنِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَتِ الْأَلْفُ دَاخِلَةً فِيهَا فَكَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ وُجُودَ الصِّفَةِ مَعَ الزِّيَادَةِ لَا تَمْنَعُ مِنْ ثُبُوتِ حُكْمِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، كَمَا لَوْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا وَعَبْدًا طُلِّقَتْ، وَلَا يَمْنَعُ زِيَادَةَ الْعَبْدِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِوُجُودِ الْأَلْفِ، كَذَلِكَ لَا تَمْنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَلْفِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، لِوُجُودِ الْأَلْفِ فَأَمَّا النُّقْصَانُ فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، لِعَدَمِ الْأَلْفِ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْبَيْعِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ فَلَمْ تَمْنَعِ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا مِنْ ثُبُوتِ حُكْمِهَا، وَالْبَيْعُ مُعَاوَضَةٌ تَتمّ بِالْقَبُولِ الْمُوَافِقِ لِلْبَدَلِ فَافْتَرَقَا فَإِذَا تَقَرَّرَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مَعَ دَفْعِ الزِّيَادَةِ، فَلَهَا اسْتِرْجَاعُ الزِّيَادَةِ، وَلَا يَمْلِكُهَا الزَّوْجُ بِالْأَخْذِ وَإِنْ مَلَكَ الْأَلْفَ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا بِالْهِبَةِ فَيَمْلِكَهَا بِالْهِبَةِ وَيَمْلِكَ الْأَلْفَ بالخلع.

<<  <  ج: ص:  >  >>