للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَفْعِهِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الطَّلَاقِ، وَلَا يَمْلِكُهُ لِجَهَالَتِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ بِالْعَقْدِ وَلَا مَعْلُومٍ بِالصِّفَةِ.

(فَصْلٌ:)

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُعَجِّلَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَى ثَوْبٍ مَرَوِيٍّ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى ثَوْبٍ مَرَوِيٍّ، فَالطَّلَاقُ قَدْ وَقَعَ سَوَاءً اسْتَوْفَى جَمِيعَ صِفَاتِهِ أَمْ لَا؟ لَكِنْ إِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ جَمِيعَ صِفَاتِهِ فَسَدَ فِيهِ الْخُلْعُ، وَإِنْ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ بِتَرْكِ صِفَاتِهِ مَجْهُولًا، وَإِنِ اسْتَوْفَى جَمِيعَ صِفَاتِهِ صَحَّ فِيهِ الْخُلْعُ، وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا ثَوْبٌ مَرَوِيٌّ عَلَى تِلْكَ الصِّفَاتِ، فَإِنْ دَفَعَتْ إِلَيْهِ ثَوْبًا بِتِلْكَ الصِّفَاتِ فَكَانَ مَعِيبًا، فَلَهُ رَدُّهُ وَإِبْدَالُهُ بِثَوْبٍ عَلَى تِلْكَ الصِّفَاتِ سَلِيمًا مِنْ عَيْبٍ لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ كَالسَّلَمِ إِذَا وَجَدَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ مَعِيبًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ سَلِيمًا.

(فَصْلٌ:)

فَإِذَا خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّهُ قُطْنٌ، فَإِذَا هُوَ كَتَّانٌ فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَدْ وَقَعَ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْعَيْنِ، وَلَا يَكُونُ بخِلَاف الْجِنْسِ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، كَمَا لَا يَكُونُ خِلَافُ الصِّفَةِ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، فَعَلَى هَذَا يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ كَتَّانًا كَقِيمَتِهِ قُطْنًا، فَلَا رَدَّ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ فَلَهُ رَدُّهُ وَفِيمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

وَالثَّانِي: بِقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قُطْنًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِهِ، لِأَنَّ خِلَافَ الْجِنْسِ يَجْرِي فِي الْمُعَاوَضَةِ مَجْرَى خِلَافِ الْعَيْنِ، لِأَنَّهُ لَوِ ابتاعه على أن قُطْنٌ، فَإِذَا هُوَ كَتَّانٌ، فَالْبَيْعُ فِيهِ بَاطِلٌ، ولو ابتاعه على أن مَرَوِيٌّ فَكَانَ هَرَوِيًّا فَالْبَيْعُ فِيهِ جَائِزٌ، كَذَلِكَ الْخُلْعُ إِذَا خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ عَلَى أَنَّهُ مَرَوِيٌّ فَكَانَ هَرَوِيًّا، وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَوْ كَانَ كَتَّانًا لَمْ يَقَعْ.

قَالَ صَاحِبُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَقُولُ فِي الْبَيْعِ مِثْلَ قَوْلِي فِي الْخُلْعِ إنَّ الْبَيْعَ لَا يَبْطُلُ كَمَا أَقُولُ إِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْعَيْنِ عَلَى الْجِنْسِ كَمَا غَلَّبْنَا حُكْمَ الْعَيْنِ عَلَى الصِّفَةِ، وَلِقَوْلِهِ إِذَا سَوَّى بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَجْهٌ وَإِنْ خَالَفَ الْجُمْهُورَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشافعي: (وَلَوْ خَلَعَهَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهُ وَقْتًا مَعْلُومًا فَمَاتَ الْمَوْلُودُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُدِرُّ عَلَى الْمَوْلُودِ وَلَا تُدِرُّ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْبَلُ ثَدْيَهَا وَلَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ وَيَتَرَأَّمُهَا فَتَسْتَمْرِيهِ وَلَا يَسْتَمْرِي غَيْرَهَا وَلَا يَتَرَأَّمُهُ وَلَا تَطِيبُ نَفْسًا لَهُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>