للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْخُلْعَ بَاطِلٌ، وَالطَّلَاقَ غَيْرُ وَاقِعٍ، بِخِلَافِ زِيَادَةِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْجِنْسِ تَكُونُ تَبَعًا، فَدَخَلَتْ فِي حُكْمِ الْمَتْبُوعِ، وَزِيَادَةَ غَيْرِ الْجِنْسِ لَا تَكُونُ تَبَعًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُ الْجِنْسَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ تَبَعًا بِأَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ مَتْبُوعًا، وَمُخَالَفَةُ الْجِنْسِ تُفْسِدُ الْخُلْعَ كَذَلِكَ الزِّيَادَةُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقْتَصِرَ مِنَ الْمُسَمَّى عَلَى بَعْضِهِ كَأَنَّهُ سمى له ألفاً فخالعها تسعمائة أو على ألف إلا درهم أَوْ سَمَّى لَهُ عَبْدًا فَخَالَعَهَا عَلَيْهِ إِلَّا جُزْءًا مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ فَالطَّلَاقُ غَيْرُ وَاقِعٍ.

والقسم الرابع: أن يعدل على جِنْسِ الْمُسَمَّى إِلَى غَيْرِهِ، كَأَنَّهُ سَمَّى لَهُ أَلْفا دِرْهَمٍ فَخَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ، أَوْ سَمَّى لها عَبْدًا فَخَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ، فَالطَّلَاقُ غَيْرُ وَاقِعٍ.

وهذين القسمين سَوَاءٌ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ أَوْ فِي نُقْصَانِ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الَّتِي جُعِلَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِهَا لَمْ تُؤْخَذْ فِي الْحَالَيْنِ فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِ لَهَا إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ أَقَلَّ مِنْهَا، لَمْ تُطَلَّقْ، وَكَقَوْلِهِ إِنْ أَعْطَيْتِنِي عَبْدًا فَأَعْطَتْهُ ثَوْبًا، لَمْ تُطَلَّقْ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا أَعْطَتْهُ بِقِيمَةِ مَا قَالَهُ، أَوْ أَكَثَرَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِالصِّفَةِ لَا بِالْقِيمَةِ، كَذَلِكَ الْوَكِيلُ، وَفَارَقَ وَكِيلَ الزَّوْجَةِ حَيْثُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِمُخَالَفَتِهِ وَلَمْ يَقَعْ بِمُخَالَفَةِ وَكِيلِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ مِنْ جِهَةِ وَكِيلِ الزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجَةِ.

(فَصْلٌ:)

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الزَّوْجُ وَسَمَّاهُ لِوَكِيلِهِ مَجْهُولًا كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: خَالِعْهَا عَلَى عَبْدٍ، أَوْ قَالَ عَلَى ثَوْبٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَذْكُرَ نَوْعَ الْعَبْدِ فَيَقُولَ: عَلَى عَبْدٍ هِنْدِيٍّ أَوْ سِنْدِيٍّ، فَيَجُوزُ وَيَصِحُّ خُلْعُ الْوَكِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ بِالصِّفَاتِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الصِّفَاتِ تُسْتَحَقُّ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ لَا فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَن لَا يَذْكُرَ نَوْعَهُ فَفِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَبِيدِ يُوقِعُ جَهَالَةً فِي التَّوْكِيلِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ خُلْعُ الوكيل.

والوجه الثاني: تصح الوكالة؛ لأن لَمَّا لَمْ يَلْزَمْ فِي الْوَكَالَةِ ذِكْرُ صِفَاتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذِكْرُ نَوْعِهِ، فَعَلَى هَذَا إِذَا صَحَّتِ الْوَكَالَةُ، فَعَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى عَبْدٍ مُعَيَّنٍ تَكُونُ قِيمَتُهُ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَمَا زَادَ، فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فِي ذِمَّتِهَا بِصِفَاتِ السَّلَمِ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، لِأَنَّهُ يَكُونُ مَعْلُومًا بِالصِّفَةِ كَمَا يَكُونُ مَعْلُومًا بِالتَّعْيِينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>