للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ نِصْفِ الْعَبْدِ وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْعَبْدَ وَأَخَذَ مِثْلَهَا لِأَنَّهُ إِذَا صَارَ فِي الْعَبْدِ شِرْكٌ لِغَيْرِهِ فَهُوَ عَيْبٌ يَكُونُ فِيهِ الْخِيَارُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ خَالَعَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهَا عَلَى عَبْدٍ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ درهم، فَإِنْ صَحَّتِ الزَّوْجَةُ مَنْ مَرَضِهَا كَانَ لِلزَّوْجِ جَمِيعُ الْعَبْدِ سَوَاءٌ كَانَ لِلزَّوْجَةِ غَيْرُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مُحَابَاةَ الْمَرِيضِ إِذَا صَحَّ مَاضِيَةٌ، وَإِنْ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا فَنِصْفُ الْعَبْدِ، وَهُوَ قَدْرُ مَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَنِصْفُهُ الْبَاقِي مُحَابَاةٌ فِي الثُّلُثِ، وَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِهَا.

وَالثَّانِي: أَن لا يَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِهَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَخْرُجَ بَعْضُهُ مِنَ الثُّلُثِ وَلَا يَخْرُجَ بَاقِيهِ.

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ جَمِيعُ النِّصْفِ مِنَ الثُّلُثِ، وَهُوَ أَنْ تُخَلِّفَ الزَّوْجَةُ مَعَ الْعَبْدِ مِائَةَ دِرْهَمٍ أُخْرَى فَيَأْخُذَ الزَّوْجُ جَمِيعَ الْعَبْدِ، نِصْفَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَنِصْفَهُ بِالْمُحَابَاةِ، وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا قَدْ حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ جَمِيعَ الْعَبْدِ، فَلَمْ تَتَفَرَّقْ صَفْقَتُهُ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ جَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ، لِأَنَّهُ عَاقَدَهَا لِيَكُونَ لَهُ جَمِيعُ الْعَبْدِ عِوَضًا، وَقَدْ صَارَ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ عِوَضًا وَنِصْفُهُ وَصِيَّةً فَقَدْ تَفَرَّقَتْ صَفْقَتُهُ فِي الْعَبْدِ حُكْمًا وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ يُوجِبُ الْخِيَارَ لِسُوءِ الْمُشَارَكَةِ فِي التَّفْرِيقِ، وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ فِي الْعَبْدِ سُوءُ الْمُشَارَكَةِ، لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ جَمِيعُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ الْخِيَارُ.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ نِصْفِ الْعَبْدِ الْبَاقِي شَيْءٌ مِنَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا دَيْنٌ قَدْ أَحَاطَ بِمَالِهَا، فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ مِنَ الْعَبْدِ إِلَّا نِصْفَهُ، وَهُوَ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ إِحَاطَةُ الدَّيْنِ بِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقَدْ تَفَرَّقَتِ الصَّفْقَةُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ خَالَعَ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ فَحَصَلَ لَهُ نَصِفُهُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِالْخِيَارِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُقَامِ أَوِ الْفَسْخِ فَإِنْ أَقَامَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَ النِّصْفِ مِنْهُ، وَإِنْ فَسَخَ كَانَ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، فَإِنْ قِيلَ: مَا اسْتَفَادَ بِالْفَسْخِ زِيَادَةً قِيلَ: قَدِ اسْتَفَادَ أَنْ أَخَذَ نَقْدًا وَأَزَالَ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْمُشَارَكَةِ.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ النِّصْفِ خَارِجًا مِنَ الثُّلُثِ، وَبَاقِيهِ غَيْرُ خَارِجٍ منه، وذلك في إحدى حالتين.

إما أن لا يُخَلِّفَ غَيْرَ نِصْفِهِ الْبَاقِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>