للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِنْسَيْنِ، وَيَتَقَسَّطُ الْمَهْرُ عَلَيْهِمَا فَتَكُونُ الْخَنَازِيرُ فِي مُقَابَلَةِ النِّصْفِ، فَتَبْرَأُ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَتَكُونُ الْخَمْرُ فِي مُقَابَلَةِ النِّصْفِ فَيَلْزَمُهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْجِنْسَيْنِ لَا يَتَمَيَّزَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّحْرِيمِ، وَيَتَقَسَّطُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى أَعْدَادِهِمَا وَهُمَا ثَلَاثُونَ فَتَكُونُ الْعَشَرَةُ خَنَازِيرَ فِي مُقَابَلَةِ ثُلُثِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَبْرَأُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَتَبْقَى الْعِشْرُونَ زِقًّا فِي مُقَابَلَةِ ثُلُثَيِ الْمَهْرِ، فَيَلْزَمُهَا ثُلُثَانِ.

فَلَوْ تَقَابَضَا قَبْلَ التَّرَافُعِ إِلَيْنَا خَمْسَةَ خَنَازِيرَ، وَخَمْسَةَ أَزْقَاقِ خَمْرٍ، فَإِنْ قُلْنَا: بِاعْتِبَارِ الْجِنْسَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بَرِئَتْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَبَقِيَ عَلَيْهَا خَمْسَةُ أَثْمَانِهِ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ خَنَازِيرَ مِنَ الْعَشْرَةِ فِي مُقَابَلَةِ الرُّبُعِ، وَالْخَمْسَةَ الْأَزْقَاقِ مِنَ الْعِشْرِينَ فِي مُقَابَلَةِ الثُّمُنِ، فَصَارَتْ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ الْعَدَدَيْنِ دُونَ الْجِنْسَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي بَرِئَتْ مِنْ ثُلُثِ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا أَقَبَضَتْهُ عَشَرَةً مِنْ ثَلَاثِينَ وَيَبْقَى عَلَيْهَا ثُلُثَا مَهْرِ الْمِثْلِ، وَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كتاب الصداق سواء.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَهَكَذَا أَهْلُ الْحَرْبِ إِلَّا أَنَّا لَا نَحْكُمُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَى الرِّضَا وَنَحْكُمُ عَلَى الذِّمِّيَّيْنِ إِذَا جَاءَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ خُلْعِ الذِّمِّيَّيْنِ وَخُلْعِ الْمُعَاهَدَيْنِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا تَرَافَعَا إِلَيْنَا، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْتِزَامِ أَحْكَامِنَا فَإِنْ كَانَا مُعَاهَدَيْنِ لَمْ يُؤْخذَا بِالْتِزَامِ أَحْكَامِنَا وَلَا يَلْزَمُنَا الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ دَارٍ لَا تَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُنَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِمْ {فَإِنْ جاؤوك فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢] فَخَيَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ لَا تَلْزَمُهُمْ، وَإِنْ كَانَا ذِمِّيَّيْنِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَا عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ كَيَهُودِيَّيْن أَوْ نَصْرَانِيَّيْنِ فَفِي وُجُوبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ مَضَتْ:

أَحَدُهَا: يَجِبُ عَلَى حَاكِمِنَا أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، وَعَلَيْهِمْ إِذَا حَكَمَ أَنْ يَلْتَزِمُوا حكمه لقوله اللَّهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] وَالصَّغَارُ أَنْ تَجْرِيَ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ وَلِأَنَّهُمْ فِي دَارٍ تَنْفُذُ فِيهَا أَحْكَامُنَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ حَاكِمَنَا بِالْخِيَارِ فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ وَهُمْ إِذَا حَكَمَ بَيْنَهُمْ بِالْخِيَارِ فِي الْتِزَامِ حُكْمِهِ كَأَهْلِ الْعَهْدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكُفْرِ، وَإِقْرَارِنَا لَهُمَا جَمِيعًا عَلَيْهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثِ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي حَقٍّ لِآدَمِيٍّ لَزِمَنَا أَنْ نَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، وَأُخِذُوا جَبْرًا بِالْتِزَامِهِ، لِأَنَّ دَارَنَا تَمْنَعُ مِنَ التَّظَالُمِ، وَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ حَاكِمُنَا مُخَيَّرًا فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ، وَكَانُوا مُخَيَّرِينَ فِي الْتِزَامِ حُكْمِهِ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ فِي كُفْرِهِمْ أَعْظَمُ، وَقَدْ أُقِرُّوا عَلَيْهِ فَكَانَ مَا سِوَاهُ أَوْلَى، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَحَقُّ الْخُلْعِ مِنَ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>