للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ زَمَانُ وُلُوجِ اللَّيْلِ فِي النَّهَارِ وَلَيْسَ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا مِنَ النَّهَارِ وَيَكُونَ اللَّيْلُ الَّذِي لَمْ يَلِجْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ النَّهَارِ لَيْلًا وَهُوَ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَالنَّهَارُ الَّذِي لَمْ يَلِجْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ نَهَارًا، وَهُوَ مَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ، وأبي حنيفة، أَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، وَأَوَّلُ صَلَاةِ النَّهَارِ طُلُوعُ الْفَجْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وأقم الصلاة طرفي النهار} [الإسراء: ٧٨] . وَالْمُرَادُ بِالطَّرَفِ الْأَوَّلِ صَلَاةُ الصُّبْحِ فِي قَوْلِ جَمِيعِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَدْ أَضَافَهَا إِلَى النَّهَارِ وَلِأَنَّنَا وَجَدْنَا ضِيَاءَ النَّهَارِ يَطْرَأُ عَلَى ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فِي الْفَجْرِ كَمَا طَرَأَتْ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ عَلَى ضِيَاءِ النَّهَارِ فِي الْمَغْرِبِ، فَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ لِلطَّارِئِ فِي الْمَغْرِبِ لَا لِلزَّائِلِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ لِلطَّارِئِ فِي الْفَجْرِ مِنَ الضِّيَاءِ لَا لِلزَّائِلِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ زَمَانًا لَيْسَ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا مِنَ النَّهَارِ وَإِنْ كَانَ وَقْتًا لِوُلُوجِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ زَمَانًا لَيْسَ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا مِنَ النَّهَارِ وَإِنْ كَانَ وَقْتًا لِوُلُوجِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ.

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ فَوَقْتُهَا فِي الِاخْتِيَارِ بَاقٍ إِلَى أَنْ يَتَكَامَلَ الْإِسْفَارُ لِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ " وَتَبَيَّنَ وُجُوهُ الْقَوْمِ " ثُمَّ يَكُونُ مَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ مِنْ وَقْتِهَا فِي الْجَوَازِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ نَصًّا، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ: قَدْ خَرَجَ وَقْتُ الصُّبْحِ بِالْإِسْفَارِ فِي الِاخْتِيَارِ وَالْجَوَازِ حَتَّى يَكُونَ فَاعِلُهَا قَاضِيًا، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَوَقْتُ الصُّبْحِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ ".

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً منها فقد خرج وقتها فاعتمد في ذلك على إمامة جبريل بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولما رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في ذلك ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي بَيَانِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ الْخَمْسِ فِي أَوَائِلِهَا وَأَوَاخِرِهَا وَمَا يَتَعَقَّبُهَا أَوْقَاتُ الْجَوَازِ مِنْهَا، وَهِيَ أَوْقَاتُ الْمُرَفَّهِينَ، وإذا كان كذلك مقدرا فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ تَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ وَقْتِهَا أَوْ بِآخِرِهِ؟ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَكْثَرِ الفقهاء، أنها تجب بأول وقت وَرَفَّهَ بِتَأْخِيرِهَا إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَأَمَّا أبو حنيفة فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي مَذْهَبِهِ فَحَكَى عَنْهُ محمد بن شجاع البلخي مِثْلَ مَذْهَبِنَا، وَحَكَى أبو الحسين الكرخي أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَقْتٌ لِأَدَائِهَا، وَيَتَعَيَّنُ الْوُجُوبُ بِفِعْلِهَا أَوْ بضيق وقتها،

<<  <  ج: ص:  >  >>