للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَالِقٌ كَانَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ السَّبْعَةُ كُلُّهَا عَلَى التَّرَاخِي لِتَعَلُّقِهَا بِوُجُودِ شَرْطٍ، لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ دُونَ غَيْرِهِ فَمَتَى وُجِدَ الشَّرْطُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا تَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْمُ، وَوَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ إِذَا كَانَ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَلَوْ لَمْ تَدْخُلِ الدَّارَ حَتَّى مَاتَ الزَّوْجُ، ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تُطَلَّقْ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مَوْجُودًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ، فَصَارَ الشَّرْعُ رافعاً لحكم الشرط بالموت، فإن قبل فَقَدْ قُلْتُمْ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ إِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَنْتِ طَالِقٌ إِذَا شِئْتِ، أَنَّهُ عَلَى التراخي وسويتم ها هنا بَيْنَ قَوْلِهِ، أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، وَأَنْتِ طَالِقٌ إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ، أَنَّهُمَا عَلَى التَّرَاخِي، قِيلَ: قَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْخُلْعِ الْفَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: (أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا شِئْتِ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي) ، (وَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ) .

فَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَيَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي، وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ فَيَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهَا، فَهُوَ تَخْيِيرٌ وَمِنْ حُكْمِ التَّخْيِيرِ أن يكون على الفور، وإذا علته بِدُخُولِ الدَّارِ، فَهُوَ صِفَةٌ مَشْرُوطَةٌ، يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِهَا مَتَى وُجِدَتْ، فَلِذَلِكَ صَارَ عَلَى التَّرَاخِي.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا الْعِوَضُ، فَيَنْقَسِمُ حُكْمُ الْأَلْفَاظِ السَّبْعَةِ بِدُخُولِ الْعِوَضِ عَلَيْهَا قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا يَكُونُ مَعَ اقْتِرَانِ الْعِوَضِ بِهِ عَلَى التَّرَاخِي أَيْضًا، وَهُوَ خَمْسَةُ أَلْفَاظٍ مَتَى، وَمَتَى مَا، وَأَيُّ وَقْتٍ، وَأَيُّ زَمَانٍ، وَأَيُّ حِينٍ، فَإِذَا قَالَ: مَتَى أَعْطَيْتِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ مَتَى مَا أَعْطَيْتِنِي، أَوْ أَيُّ وَقْتٍ أَعْطَيْتِنِي، أَوْ أَيُّ زَمَانٍ أَعْطَيْتِنِي أَوْ أَيُّ حِينٍ أَعْطَيْتِنِي، كَانَ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ كُلِّهَا عَلَى التَّرَاخِي، فَفِي أَيِّ وَقْتٍ أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ مِنْ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ طُلِّقَتْ.

وَالثَّانِي: مَا يَصِيرُ بَاقِي الْعِوَضِ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ لَفْظَتَانِ إِنْ وَإِذَا، فَإِذَا قَالَ؛ إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِذَا أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، رُوعِيَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ، بِدَفْعِهَا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ، فِي الزَّمَانِ الَّذِي يَصِحُّ فِيهِ الْفَوْرُ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ إذا وإن مِنْ حُرُوفِ الصِّفَاتِ، فَإِذَا اقْتَرَنَ بِهَا الْعِوَضُ صَارَ الْحُكْمُ لَهُ، وَصَارَا مِنْ صِفَاتِهِ، وَمَنْ حُكْمِ الْمُعَاوَضَاتِ أَنْ يَكُونَ قَبُولُهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ؛ لِأَنَّهَا أَسْمَاءٌ صَرِيحَةٌ فِي الْوَقْتِ، فَصَارَ حُكْمُهَا لِقُوَّتِهِ أَغْلَبَ مِنْ حُكْمِ الْعِوَضِ، فَصَارَتْ عَلَى التَّرَاخِي، لِتَسَاوِي الْأَوْقَاتِ فِيهَا، وَصَارَ كَالْقِيَاسِ الَّذِي إِنْ قَوِيَ عَلَى تَخْصِيصِ الْعُمُومِ، وَبَيَانِ الْمُجْمَلِ ضَعُفَ مِنْ مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَتَغْيِيرِ حُكْمُهُ.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يُدْخِلَ عَلَى الْأَلْفَاظِ السَّبْعَةِ، لَمِ الْمَوْضُوعَةَ لِلنَّفْيِ، فَتَنْقَسِمَ أَيْضًا قسمين:

<<  <  ج: ص:  >  >>