للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَادَ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا، وَهَذَا مِمَّا وَافَقَ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِنْ خَالَفَ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً بِالنَّصْبِ كان المريض شَرْطًا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَمَا لَمْ تَمْرَضْ لَمْ تُطَلَّقْ، فَإِذَا مَرِضَتْ طُلِّقَتْ، لِأَنَّ نَصْبَهُ عَلَى الْحَالِ يُخْرِجُهُ مَخْرَجَ الشَّرْطِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةٌ بِالرَّفْعِ طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ غَيْرَ مَرِيضَةٍ، لِأَنَّهُ بِالرَّفْعِ يَصِيرُ صِفَةً، وَهَذَا فِيمَنْ كَانَ مَنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ فِي حُكْمِ مَا يَلْزَمُهُ كَأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ مُتَعَلِّقٌ بِاللَّفْظِ، سَوَاءٌ عَرَفَ حُكْمَهُ أَوْ جَهِلَهُ مِثْلَ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أنه يستوفي فِيهِ حُكْمُ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ، لِأَنَّ الْإِعْرَابَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْأَغْرَاضِ فَإِذَا جُهِلَتْ عُدِمَتْ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ طَالِقًا، فَقَدْ جَعَلَ الشَّرْطَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، أَنْ تَدْخُلَ الدَّارَ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ، فَإِنْ دَخَلَتْهَا غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ لَمْ تُطَلَّقْ، كَمَا لَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ رَاكِبَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْهَا غَيْرَ رَاكِبَةٍ لَمْ تُطَلَّقْ، وَلَوْ طَلَّقَهَا، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، بِأَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ تَكُونَ مُخْتَلِعَةً لَمْ تُطَلَّقْ بِدُخُولِ الدَّارِ، لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رجعياً طلقت دخول الدَّارِ طَلْقَتَيْنِ، لِقَوْلِهِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَتَصِيرُ طَالِقًا ثَلَاثًا.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ بِالْكَسْرِ كَانَ دُخُولُ الدَّارِ شَرْطًا، فَلَا تُطَلَّقُ حَتَّى تَدْخُلَهَا وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ دَخَلَتِ الدَّارَ بِالْفَتْحِ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، سَوَاءٌ دَخَلَتِ الدَّارَ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ، لِأَنَّهَا إِذَا فُتِحَتْ بِمَعْنَى الْجَزَاءِ، وَتَقْدِيرُهُ أَنْتِ طَالِقٌ، لِأَنَّكِ دَخَلْتِ الدَّارَ، هَذَا فِيمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، فَأَمَّا مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ كَأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي الْحَالَيْنِ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا دَخَلَتِ الدَّارَ، كَانَ دُخُولُ الدَّارِ شَرْطًا، لَا تُطَلَّقُ حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ، ولو قال: أنت طالق إن دخلت الدار، لَمْ يَكُنْ دُخُولُ الدَّارِ شَرْطًا، وَطُلِّقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّ إِذَا اسْمٌ لِمُسْتَقْبَلٍ، فَكَانَ شَرْطًا، وإذ اسْمٌ لِمَا مَضَى فَكَانَ خَبَرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>