للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا فُرْقَةٌ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا فَضَعُفَتْ تُهْمَتُهُ بِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ تَأْخِيرَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا يُسْقِطُ حَقَّهُ مِنَ الْفَسْخِ، فَخَالَفَ الطَّلَاقَ الَّذِي لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا ارْتَدَّ فِي مَرَضِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ فَبَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَمْ تَرِثْهُ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ؛ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرِّدَّةَ غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ لِلْفُرْقَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَحْكَامِهَا، فَخَالَفَتْ حُكْمَ الطَّلَاقِ الْمَوْضُوعِ لِلْفُرْقَةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ غَيْرُ مَتْهُومٍ بِالرِّدَّةِ فِي قَصْدِ ارْتِدَادِهِ لما يتغلط عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِهَا. فَخَالَفَتِ الطَّلَاقَ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا لَاعَنَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مِيرَاثِهَا مِنْهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: تَرِثُهُ كَالْمُطَلَّقَةِ لِلُحُوقِ التُّهْمَةِ فِيهِ كَالطَّلَاقِ.

وَالثَّانِي: لَا تَرِثُهُ؛ لِأَنَّ لُحُوقَ الْمَعَرَّةِ بِهِ فِي لِعَانِهِ وَفَسَادِ فِرَاشِهِ وَنَفْيِ نَسَبِ وَلَدِهِ عَنْهُ، تَنْفِي عَنْهُ التُّهْمَةَ فِي فُرْقَتِهِ فَلَمْ ترثه.

والوجه الثاني: إن لاعنها في المرض عن قذف الصِّحَّةِ لَمْ تَرِثْهُ، وَإِنْ لَاعَنَهَا عَنْ قَذْفٍ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ السَّبَبِ عَلَى الْمَرَضِ يَنْفِي عَنْهُ التُّهْمَةَ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ لَهَا فِي مَرَضِهِ: إِنْ صَلَّيْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ لَهَا: إِنْ صُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَصْلتْ وَصَامَتْ نُظِرَ، إِنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ تَطَوُّعًا طُلِّقَتْ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَجِدُ مِنْ تَرْكِ التَّطَوُّعِ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ بُدًّا، فَصَارَتْ مُخْتَارَةً لِلطَّلَاقِ، فَلَمْ تَرِثْ، وَإِنْ صَلَّتْ وَصَامَتْ فَرْضًا طُلِّقَتْ وَلَهَا الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِدُ مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ بُدًّا، فَلَمْ تَصِرْ مُخْتَارَةً لِلطَّلَاقِ.

وَلَوْ قَالَ لَهَا: إِنْ كَلَّمْتِ أَبَوَيْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَكَلَّمَتْهُمَا طُلِّقَتْ مَكَانَهَا، وَلَهَا الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِدُ مِنْ كَلَامِ أَبَوَيْهَا بُدًّا لِأَنَّ تَرْكَ كَلَامِهِمَا مَعْصِيَةٌ، وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا وكلام غَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا، طُلِّقَتْ، وَلَمْ تَرِثْ لِأَنَّهَا تَجِدُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِمَا بُدًّا، وَقَالَ الحسن بن زياد الؤلؤي: إِنْ كَلَّمَتْ ذَا مَحْرَمٍ وَرِثَتْ كَالْأَبَوَيْنِ وَإِنْ كَلَّمَتْ غَيْرَ ذِي مَحْرَمٍ لَمْ تَرِثْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَنَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا طَلَّقَ فِي مَرَضِهِ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ لَهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ وَمَاتَ عَنْهُنَّ وقيل بتوريث المبتوتة، ففي الميراث ها هنا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ مِيرَاثَ الزَّوْجَاتِ وَهُوَ الرُّبُعُ أَوِ الثُّمُنُ يَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَ الْأَرْبَعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>