للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَأَخَذَ بِلَالٌ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيعٍ فَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ بِلَالًا بِالتَّرْجِيعِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ الْحَدِيثَانِ لَكَانَ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ أَوْلَى مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَزْيَدُ، وَالْأَخْذُ بِالزِّيَادَةِ أَوْلَى.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ، وَالْمُتَأَخِّرُ أَوْلَى.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَلْقِينِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وذلك من عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَكَانَ هَذَا أَوْلَى.

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يُطَابِقُ فِعْلَ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَكَانَ أَوْلَى.

وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْإِقَامَةِ فَالْمَعْنَى فِي الْأَذَانِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِأَجْلِ إِعْلَامِ الْغَائِبِينَ أَكْمَلَ هَيْئَةً كَانَ أَكْمَلَ ذِكْرًا، وَالْإِقَامَةُ لَمَّا كَانَتْ لِأَجْلِ إِعْلَامِ الْحَاضِرِينَ أَنْقَصَ هَيْئَةً فَكَانَتْ أَنْقَصَ ذِكْرًا، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ بِأَنَّ كَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ إِذَا تَعَقَّبَتْ كَلِمَةَ التَّكْبِيرِ كَانَتْ عَلَى الشَّطْرِ مِنْ عَدَدِهِ فِيمَنْ يَقُولُ بِمُوجَبِهِ، لِأَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى الشَّطْرِ مِنْ عَدَدِ التَّكْبِيرِ، وَالتَّرْجِيعُ إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ الِانْتِقَالِ مِنْ نَوْعٍ إِلَى نَوْعٍ عَلَى أَنَّ هَذَا قِيَاسُ أَوَّلِ الْأَذَانِ عَلَى آخِرِهِ، وَهُوَ فَاسِدٌ، لِأَنَّ أَوَّلَ الْأَذَانِ أَكْمَلُ مِنْ آخِرِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَوْ تَكَرَّرَ أَرْبَعًا لَكَانَ مُتَوَالِيًا.

فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ مُوَالَاةَ الْأَذَانِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْأَذَانِ كَالتَّكْبِيرِ الأول والآخر والله أعلم.

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَيَلْتَوِي فِي حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ يَمِينًا وَشِمَالًا لِيُسْمِعَ النَّوَاحِيَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، يُسْتَحَبُّ لِلْمُؤَذِّنِ إِذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَلْوِيَ رَأْسَهُ وَعُنُقَهُ جَمِيعًا يَمِينًا، وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ أَنْ يَلْوِيَ رَأْسَهُ وَعُنُقَهُ شِمَالًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَزُولَ قَدَمَاهُ عَنِ الْقِبْلَةِ وَيَكُونَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَذَانِهِ عَلَى حَالِ التَّوَجُّهِ إِلَى الْقِبْلَةِ اقْتِدَاءً بِمُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَدْ كَانَ بِلَالٌ، وَأَبُو مَحْذُورَةَ يَفْعَلَانِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ خِطَابٌ لِلْآدَمِيِّينَ فَاقْتَضَى أَنْ يُوَاجِهَهُمْ لِيَعُمَّهُمْ بِالْخِطَابِ فَأَمَّا قَوْلُهُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَعْنَاهُ يَا أَهْلَ الْحَيِّ هَلُمُّوا وَأَقْبِلُوا إِلَى الصَّلَاةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ مَعْنَاهُ بَادِرُوا وَأَسْرِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ " إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّ هَلَّا بِعُمَرَ " أَيْ: فَبَادِرْ بِذِكْرِهِ فِي أَوَّلِهِمْ. وَقَالَ لَبِيدٌ:

(يَتَمَارَى فِي الَّذِي قُلْتُ لَهُ ... وَلَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلَ حَيَّ هَلْ)

وَأَمَّا قَوْلُهُ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَفِي الْفَلَاحِ تَأْوِيلَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>