للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِهِ: يَوْمَ لَا أُطَلِّقُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَيْسَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَعْنًى يَصِحُّ فَإِنْ جَعَلَ ذِكْرَ الْيَوْمِ فِي دُخُولِ الدَّارِ، عِبَارَةً عَنِ الْوَقْتِ جَعَلَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ عِبَارَةً عَنِ الْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يَجْعَلْ فِي الْآخَرِ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: لَيْلَةٌ لَا أَدْخُلُ فِيهَا دَارَ زَيْدٍ، فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا بِمُضِيِّ اللَّيْلَةِ لَا بِدُخُولِ دَارِهِ فِيهَا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّيْلَةِ وَالْيَوْمِ، أَنَّ الْعُرْفَ مُسْتَعْمَلٌ بِأَنَّ الْوَقْتَ قَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْيَوْمِ وَلَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِاللَّيْلَةِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِلَى حِينٍ أَوْ إِلَى زَمَانٍ، طُلِّقَتْ إِذَا سَكَتَ، لِأَنَّهُ حِينٌ وَزَمَانٌ وَوَقْتٌ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا تُطَلَّقُ الْيَوْمَ وَاحِدَةً وَهِيَ لَاحِقَةٌ بِهَا فِي غَدٍ، فَتُطَلَّقُ فِي يَوْمِهِ وَاحِدَةً لَا غَيْرَ وَهِيَ لَاحِقَةٌ بِهَا فِي غَدٍ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا تُطَلَّقُ فِي يَوْمِهِ وَاحِدَةً وَفِي غَدِهِ أُخْرَى فَتُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ وَاحِدَةً فِي الْيَوْمِ وَأُخْرَى فِي غَدٍ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُرِيدَ تَبْعِيضَ الطَّلَاقِ، الطَّلْقَةُ فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ، فَيُنْظَرُ إِنْ أَرَادَ تَبْعِيضَ طَلْقَتَيْنِ كَأَنَّهُ أَرَادَ بَعْضَ طَلْقَةٍ فِي يَوْمِهِ، وَبَعْضَ أُخْرَى فِي غَدِهِ، طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ فِي يَوْمِهِ وَغَدِهِ تَكْمِيلًا لِلْبَعْضِ الْوَاقِعِ فِيهِ. وَإِنْ أَرَادَ تَبْعِيضَ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَقَعُ الْيَوْمَ طَلْقَةٌ تَكْمِيلًا لِلطَّلْقَةِ الْوَاقِعَةِ فِيهِ فَهَلْ يُطَلِّقُ فِي غَدِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ:

أَحَدُهُمَا: لَا تُطَلَّقُ، لِأَنَّ الْبَعْضَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي غَدِهِ، قَدْ تُعُجِّلَ فِي يَوْمِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُطَلَّقُ، لِأَنَّ الْبَعْضَ الَّذِي فِي يَوْمٍ يَكْمُلُ بِالشَّرْعِ، لَا بِتَقْدِيمِ مَا أَخَّرَهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ الَّذِي في غده واقعاً بالإرادة تكملاً بِالشَّرْعِ.

وَالرَّابِعَةُ: أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ إِرَادَةٌ فَتُطَلَّقَ فِي يَوْمِهِ وَاحِدَةً، وَلَا تُطَلَّقَ فِي غَدِهِ حَمْلًا عَلَى الْحَالِ الْأُولَى، لِأَنَّهَا مُحْتَمَلَةٌ وَالْأَصْلُ أَنْ لَا تُطَلَّقَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إِذَا جَاءَ غَدٌ، فَجَاءَ غَدٌ لَمْ تُطَلَّقْ فِي الْيَوْمِ وَلَا فِي غَدٍ، لِأَنَّ وُقُوعَ طَلَاقِهَا فِي الْيَوْمِ تَقْدِيمٌ لِلطَّلَاقِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَوُقُوعَهُ فِي الْغَدِ إِيقَاعٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ، فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إِذَا جَاءَ غَدٌ، كَقَوْلِهِ: إِذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِيَوْمٍ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بِمَكَّةَ أَوْ فِي مَكَّةَ، فَإِنْ أَرَادَ كَوْنَهَا بِمَكَّةَ دُونَهُ، رُوعِيَ ذَلِكَ وَطُلِّقَتْ إِنْ حَصَلَتْ بِمَكَّةَ، وَلَمْ تُطَلَّقْ إِنْ لَمْ تَحْصُلْ بِهَا، سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ بِمَكَّةَ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ أَرَادَ كَوْنَهُ بِمَكَّةَ دُونَهَا رُوعِيَ ذَلِكَ، فَإِذَا حَصَلَ الزَّوْجُ بمكة طلقت،

<<  <  ج: ص:  >  >>