للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَى غَرِيمِهِ بِالطَّلَاقِ لَيَجُرَّنَّهُ عَلَى الشَّوْكِ، فَإِذَا مَطَلَهُ مَطْلًا بَعْدَ مَطْلٍ بَرَّ فِي يَمِينِهِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ لَيَضْرِبَنَّهَا حَتَّى تَمُوتَ فَضَرَبَهَا ضَرْبًا مُؤْلِمًا وَجِيعًا بَرَّ فِي يَمِينِهِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ، إِذَا أَطْلَقَ الْيَمِينَ وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ، فَإِنْ أَرَادَهُ حُمِلَ عَلَيْهِ وَهَكَذَا نَظِيرُ ذَلِكَ وَأَشْبَاهُهُ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتُكِ، وَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، طُلِّقَتْ بِالْيَمِينِ الْأُولَى، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُكَلِّمًا لَهَا بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ، وَسَوَاءٌ جَاءَ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ مُتَّصِلَةً بِالْيَمِينِ الْأُولَى أَوْ مُنْفَصْلةً عَنْهَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتُكِ، ثُمَّ أَعَادَهَا وَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتُكِ طُلِّقَتْ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُكَلِّمًا لَهَا بِإِعَادَتِهَا. وَلَكِنْ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتُكِ فَاعْلَمِي ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ: فَاعْلَمِي ذَلِكَ مُنْفَصْلا عَنْ يَمِينِهِ حَنِثَ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُكَلِّمًا لَهَا، وَإِنْ قَالَهُ مُتَّصِلًا فَفِي حِنْثِهِ بِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ، لِأَنَّهُ كَلَامٌ لَهَا بَعْدَ يَمِينِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ، لِأَنَّهُ مِنْ حَالَاتِ يَمِينِهِ.

(فَصْلٌ:)

وَإِنْ قَالَ لَهَا وَهُوَ يَأْكُلُ مَا يأتي عليه الإحصاء والعدد مثل النبق وَالرُّطَبِ، وَمَا يُلْقَى نَوَاهُ فِي نَهْرٍ أَوْ نَارٍ، أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ مَا أَكَلْتُ، فَمَخْرَجُهُ مِنَ الْحِنْثِ أَنْ تَبْتَدِئَ بِالْعَدَدِ الَّذِي يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ أَقَلَّ مِنْهُ وَتَنْتَهِي إِلَى الْعَدَدِ الَّذِي تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَيَبَرُّ حِينَئِذٍ فِي يَمِينِهِ، لِأَنَّهَا قَدِ اجْتَهَدَتْ فِي جُمْلَةِ الْأَعْدَادِ الَّتِي ذَكَرَتْهَا بِعَدَدِ مَا أَكَلَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهَا.

مِثَالُهُ: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ، وَلَمْ يَزِدْ مَا أَكَلَهُ عَلَى الْمِائَةِ، فَتَبْتَدِئُ بِالْعَشَرَةِ وَتَنْتَهِي إِلَى الْمِائَةِ، فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ عَدَدَ الْمَأْكُولِ فِيهَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ.

وَلَوْ قَالَ لَهَا وَقَدْ أَكَلَتْ مَعَهُ رُطَبًا أَوْ نَبْقًا، وَاخْتَلَطَ نَوَى مَا أَكَلَاهُ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَى مَا أَكَلْتُهُ مِنْ نَوَى مَا أَكْلَتِيهِ فَمَخْرَجُهُ مِنْ يَمِينِهِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ كُلِّ نَوَاةٍ وَبَيْنَ الْأُخْرَى لِتَكُونَ بَعِيدَةً مِنْهَا فَيَبَرَّ وَلَا يَحْنَثَ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا كَانَ فِي وَسَطِ دَرَجَةٍ فَصَعِدَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَصْعَدَ مَعَهُ، وَنَزَلَ إِلَيْهِ آخَرُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَنْزِلَ مَعَهُ فَصَعِدَ مَعَ الَّذِي حَلَفَ أَنْ لَا يَنْزِلَ مَعَهُ وَنَزَلَ مَعَ الَّذِي حَلَفَ أَنْ لَا يَصْعَدَ مَعَهُ لَمْ يَحْنَثْ.

وَلَوْ حَلَفَ وَهُوَ فِي وَسَطِ دَرَجَةٍ أَنْ لَا يَصْعَدَ مِنْهَا، وَأَنْ لَا يَنْزِلَ عَنْهَا وَلَا يَقْعُدَ عَلَيْهَا فَحَمَلَهُ حَامِلٌ فَصَعِدَ بِهِ أَوْ نَزَلَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>