للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ارتجعتك اليوم وقالت انقضت عدتي قبل رجعتك صدقتها إلا أن تقر بعد ذلك فتكون كمن جحد حقا ثم أقر به (قال المزني) رحمه الله إن لم يقرا جميعا ولا أحدهما بانقضاء العدة حتى ارتجع الزوج وصارت امرأته فليس لها عندي نقض ما ثبت عليها له) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (وَلَوْ دَخَلَ بها) يعني خلا به، وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ الْخَلْوَةِ فِي دُخُولِ الزَّوْجَيْنِ بيتاً، وأن يغلق عَلَيْهِمَا بَابًا أَوْ يُرْخِيَا عَلَيْهِمَا سِتْرًا وَذَكَرْنَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ اخْتِلَافَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهَا كَالْإِصَابَةِ فِي كَمَالِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَاسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ، وَهَلْ تَكُونُ كَالْإِصَابَةِ فِي ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْإِمْلَاءِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ إِنَّهَا كَالْيَدِ لِمُدَّعِي الْإِصَابَةِ مِنْهُمَا فَيَحْلِفُ عَلَيْهَا وَيُحْكَمُ لَهُ بِهَا زَوْجًا كَانَ أَوْ زَوْجَةً.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ إنَّهُ لَا حُكْمَ لَهَا فِي اسْتِكْمَالِ الْمَهْرِ وَلَا فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ، وَلَا فِي ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ، وَإِنَّ وَجُودَهَا كَعَدَمِهَا.

(فَصْلٌ: [اخْتِلَافُ الزَّوْجَيْنِ فِي الْإِصَابَةِ)

فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَاخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِصَابَةِ إما مع عدم الخلوة أو مع د وُجُودِهَا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ الَّذِي لَا تَأْثِيرَ فِيهِ لِلْخَلْوَةِ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَدَّعِيَ الزَّوْجُ الْإِصَابَةَ وَتُنْكِرَهَا الزَّوْجَةُ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَدَّعِيَ الزَّوْجَةُ الْإِصَابَةَ وَيُنْكِرَهَا الزَّوْجُ، فَإِنِ ادَّعَاهَا الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْهَا الزَّوْجَةُ فَادِّعَاؤُهُ لَهَا إِنَّمَا هُوَ لِإِثْبَاتِ الرَّجْعَةِ عَلَيْهَا، فَيَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي إِنْكَارِهَا الْإِصَابَةَ مَعَ يَمِينِهَا، بِخِلَافِ الْمَوْلَى وَالْعِنِّينِ حِينَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمَا فِي ادِّعَاءِ الْإِصَابَةِ دُونَهَا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَوْلَى وَالْعِنِّينِ بَقَاءُ الزَّوْجَةِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي ادِّعَاءِ الْإِصَابَةِ اسْتِصْحَابًا لِهَذَا الْأَصْلِ فِي ثُبُوتِ الْعَقْدِ، وَالْأَصْلُ هَاهُنَا وُقُوعُ الْفُرْقَةِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي عَدَمِ الْإِصَابَةِ اسْتِصْحَابًا لِهَذَا الْأَصْلِ فِي ثُبُوتِ الْفُرْقَةِ، فَإِذَا حَلَفَتْ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا مِنْ غَيْرِ إِصَابَةٍ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَا رَجْعَةَ لَهُ، فَأَمَّا الْمَهْرُ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ إِلَّا بِنِصْفِهِ، لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مُطَالَبَتُهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ، لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهَا بِاسْتِحْقَاقِ جَمِيعِهِ، فَإِنْ نَكَلَتِ الزَّوْجَةُ عَنِ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الزَّوْجِ، فَإِذَا حَلَفَ حَكَمْنَا عَلَيْهَا بِالْعِدَّةِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ، لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهَا فَقُبِلَ فِيهِ رُجُوعُهَا، وَلِأَنَّهَا لَوْ أَنْكَرَتْ أَصْلَ النِّكَاحِ ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِهِ صَحَّ، وَجَازَ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>