للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَإِذَا أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ فَغَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي فَرْجِهَا فَقَدْ ذَاقَا الْعُسَيْلَةَ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ بَيَّنَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا صِفَةَ الشَّرْطَيْنِ أَمَّا الْعَقْدُ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا غَيْرَ فَاسِدٍ، لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إِذَا اخْتَصَّتْ بِالْعُقُودِ تَعَلَّقَتْ بِالصَّحِيحِ مِنْهَا دُونَ الْفَاسِدِ، أَلَا تَرَاهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَعْقِدُ نِكَاحًا وَلَا بَيْعًا فَعَقَدَهُمَا عَقْدًا فَاسِدًا لَمْ يَحْنَثْ.

وَأَمَّا الْوَطْءُ فَيَكُونُ فِي الْقُبُلِ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِيهِ.

فَأَمَّا الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْإِبَاحَةُ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَعَهُ ذَوْقُ الْعُسَيْلَةِ وَإِنْ كَمُلَ بِهِ الْمَهْرُ وَوَجَبَتْ بِهِ الْعِدَّةُ، فَيَكُونُ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ مُخَالِفًا لِحُكْمِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ لِلْإِحْلَالِ وَالْإِحْصَانِ وَالْإِيلَاءِ وَالْعُنَّةِ وَمُوَافِقًا لَهُ فِيمَا سِوَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، وَإِذَا لَمْ يُحِلَّهَا إِلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ فَلَا يَكُونُ بِدُونِ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ، لِأَنَّ فَسَادَ الصَّوْمِ وَوُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِيهِ وَكَمَالَ الْمَهْرِ وَوُجُوبَ الْحَدِّ وَالْغَسْلِ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ لِيَلْتَقِيَ بِهَا الختانان، ولا لا يَتَعَلَّقُ بِمَا دُونَهَا كَذَلِكَ حُكْمُ الْإِبَاحَةِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ مَعَ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ إِنْزَالٌ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ، لِأَنَّهُمَا قَدْ ذَاقَا الْعُسَيْلَةَ بِتَغْيِيبِهَا وَإِنْ لَمْ يُنْزِلَا، وَكَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا سَائِرُ الْأَحْكَامِ مَعَ عَدَمِ الْإِنْزَالِ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا كَانَتْ بِكْرًا فَالْإِصَابَةُ الَّتِي تَحِلُّ بِهَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ أَنْ يَفْتَضَّهَا وَلَيْسَ الِافْتِضَاضُ شَرْطًا فِي الْإِبَاحَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ شَرْطٌ فِي الْإِبَاحَةِ، لِأَنَّ مَدْخَلَ الذَّكَرِ فِي مَخْرَجِ الْحَيْضِ، وَهُوَ فِي الْبِكْرِ يَضِيقُ عَنْ مَدْخَلِ الذَّكَرِ، فَإِذَا دَخَلَ اتَّسَعَ بِهِ الثَّقْبُ فَانْخَرَقَتْ بِهِ الْجِلْدَةُ فَزَالَتِ الْبَكَارَةُ الَّتِي هِيَ ضِيقُ الثَّقْبِ فَكَانَ هُوَ الِافْتِضَاضَ، فَلَوْ أَرَادَ الثَّانِي افْتِضَاضَهَا بِوَطْئِهِ أَحَلَّهَا، وَالِافْتِضَاضُ

هُوَ خَرْقُ الْحَاجِزِ الَّذِي بَيْنَ مَخْرَجِ الْحَيْضِ وَهُوَ مَدْخَلُ الذَّكَرِ، وَبَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَهَذَا يُحِلُّهَا، لِأَنَّهُ أُرِيدَ مِنَ الِافْتِضَاضِ وَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ فَكَانَ أَبْلَغَ في الإباحة.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَسَوَاءٌ قَوِيُّ الْجِمَاعِ وَضَعِيفُهُ لَا يُدْخِلُهُ إِلَّا بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِهَا) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لَا فَرْقَ فِي وَطْءِ الثَّانِي بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَوِيَّ الْجِمَاعِ أَوْ ضَعِيفَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَذُوقُ بِهِ الْعُسَيْلَةَ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، فَأَمَّا قَوْلُهُ أَدْخَلَهُ بِيَدِهِ أَوْ يَدِهَا. فَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْتِشَارِهِ فَسَوَاءٌ أَدْخَلَهُ بِيَدِهِ أَوِ اسْتَدْخَلَتْهُ الْمَرْأَةُ بِيَدِهَا فِي حُصُولِ الْإِبَاحَةِ بِهِ.

فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ عَلَيْهِ فَأَدْخَلَهُ غَيْرَ مُنْتَشِرٍ بِيَدِهِ أَوْ يَدِهَا قَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: لَا تَحْصُلُ بِهِ الْإِبَاحَةُ، وَلَا تَتَعَلَّقْ بِهِ أَحْكَامُ الْوَطْءِ، وَلَا يُجِبْ بِهِ الْغُسْلُ، لِأَنَّ عُرْفَ الْوَطْءِ لَا يَتَنَاوَلُهُ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ عَلَيْهِ حُكْمٌ، وَلِأَنَّ الْعُسَيْلَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بِالشَّهْوَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>