للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا التَّفْرِيعُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ: إِنَّ الْإِيلَاءَ يَكُونُ بِكُلِّ يَمِينٍ الْتَزَمَ بِهَا مَا يَلْزَمُهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِاللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ: أَنَّ الْإِيلَاءَ، لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، فَإِذَا قَالَ: إِنْ وَطِئْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذَا الشَّهْرِ كَانَ حَالِفًا وَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا، لِأَنَّ الْمُولِيَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوَطْءِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إِلَّا بِالْتِزَامِ مَا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى وَطْئِهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ بِمُضِيِّ زَمَانِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا إِنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ أَمْسٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الصَّوْمُ وَإِنْ وَطِئَ لِمُضِيِّ زَمَانِهِ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا فَهُوَ حَالِفٌ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ حَتَّى انْقَضَى ذَلِكَ الشَّهْرُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ وَطِئَ بَعْدَهُ، وَإِنْ وَطِئَ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْهُ يَوْمًا فَصَاعِدًا فَيَكُونَ مُخَيَّرًا بَيْنَ صَوْمِ بَاقِيهِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ لِأَنَّهُ نَذْرُ لَحَاجٍ وَغَضِبَ فَكَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ حُكْمِ النَّذْرِ وَحُكْمِ الْأَيْمَانِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَذَلِكَ أَنْ يَطَأَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْهُ، فَفِيهِ قَوْلَانِ: فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ زَيْدٌ.

أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُ، فَعَلَى هَذَا لَا شَيْءَ عَلَى هَذَا الْوَطْءِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَلْزَمُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ هَذَا الْوَاطِئُ مُخَيَّرًا بَيْنَ صَوْمِ يَوْمٍ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ إِنْ وَطِئْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ كَانَ مُولِيًا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْيِينِ الصَّوْمِ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَطْئِهَا بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إِلَّا بِالْتِزَامِ مَا لَمْ يَلْزَمْ لِوُجُودِ الشَّهْرِ الَّذِي لَا يَتَعَيَّنُ، فَعَلَى هَذَا إِنْ وَطِئَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ صِيَامِ شَهْرٍ أَوْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ، لِأَنَّهُ نَذْرُ لَحَاجٍ وَسَقَطَتْ يَمِينُهُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ وَطَلَّقَ لَمْ يَلْزَمْهُ صَوْمٌ وَلَا كَفَّارَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ رَاجَعَ اسْتُؤْنِفَ لَهُ وَقْفُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ وَطَلَّقَ ثَانِيَةً ثُمَّ رَاجَعَ اسْتُؤْنِفَ لَهُ مُدَّةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثَالِثَةٍ فَإِذَا مَضَتْ وَطَلَّقَ بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ وَإِنْ عَادَ فَنَكِحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَهَلْ يَعُودُ الْإِيلَاءُ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ كُلِّهِ وَأَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ إنَّهُ لَا يَعُودُ ويكون حالفاً غي مولى.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِي الْقَدِيمِ يَعُودُ الْإِيلَاءُ لِبَقَاءِ اليمين ووجودها في عقدي نكاح.

[(مسألة)]

الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ قَالَ إِنْ قَرَبْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وُقِفَ فَإِنْ فَاءَ وَغَابَتِ الْحَشَفَةُ طُلِّقَتْ ثَلَاثًا فَإِذَا أَخْرَجَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ بَعْدُ فَعَلَيْهِ مَهْرُ مثلها) .

<<  <  ج: ص:  >  >>