للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَحْدَهُ وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ فِي إِيلَائِهِ وَأَعْتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدَ فِيهِ عَنْ ظِهَارِهِ خَرَجَ بِعِتْقِهِ عَنْ حُكْمِ الْإِيلَاءِ، وَفِي إِجْزَاءِ عِتْقِهِ عَنْ ظِهَارِهِ وَجْهَانِ عَلَى مَا مَضَى:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قول أبي إسحق المروزي يجزئه عن الظهار لتعين عِتْقِهِ بَعْدَ وُجُودِ الظِّهَارِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجْزِيهِ ذَلِكَ عَنْ ظِهَارِهِ، لِأَنَّهُ عِتْقٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ ظِهَارِهِ وَبَيْنَ إِيلَائِهِ، فَهَذَا حُكْمُ إِيلَائِهِ إِنْ فَاءَ فِيهِ، فَأَمَّا إِنْ طَلَّقَ فَقَدْ خَرَجَ بِالطَّلَاقِ مِنْ حُكْمِ الْإِيلَاءِ وَكَانَ مُخَيَّرًا فِي الظِّهَارِ بَيْنَ عِتْقِ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ عِتْقِ غَيْرِهِ، لِأَنَّ النَّذْرَ لَمْ يَلْزَمْ لِعَدَمِ الْوَطْءِ فَكَانَ فِي الظِّهَارِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ فِي عِتْقِ أَيِّ عَبْدٍ شَاءَ، فَإِنْ أَعْتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدَ أَجْزَأَهُ وَجْهًا وَاحِدًا كَمَا يَجْزِيهِ عِتْقُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِعِتْقِهِ مِنْ حَقِّ الْإِيلَاءِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ رَاجَعَ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ طَلَاقِهِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَتْ رَجْعَتُهُ قَبْلَ الْعِتْقِ عَنْ ظِهَارِهِ عَادَ الْإِيلَاءُ، وَاسْتُؤْنِفَ لَهُ الْوَقْفُ كَالِابْتِدَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ رَجْعَتُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ عَنْ ظِهَارِهِ لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَعْتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدَ أَوْ أَعْتَقَ غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَعْتَقَ غَيْرَهُ عَادَ الْإِيلَاءُ بَعْدَ رَجْعَتِهِ لِبَقَاءِ الْعَبْدِ الَّذِي يَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ عِتْقِهِ وَكَفَّارَتِهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَعْتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدَ فَفِي عَوْدِ الْإِيلَاءِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَعُودُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِفَوَاتِ الْعَبْدِ الْمَنْذُورِ فِي الْإِيلَاءِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ قَدْ بَاعَ الْعَبْدَ فِي مُدَّةِ الْوَقْفِ سَقَطَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ حُكْمَ الْإِيلَاءِ يَعُودُ لِأَنَّ حُكْمَ نَذْرِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْكَفَّارَةِ كَتَعَلُّقِهِ بِعِتْقِهِ، وَالْكَفَّارَةُ مَقْدُورٌ عَلَيْهَا فَقَامَتْ مَقَامَ وُجُودِهِ ويكون وجوده موجباً للتخيير بَيْنَ عِتْقِهِ وَبَيْنَ التَّكْفِيرِ وَفَوَاتُ عِتْقِهِ مُسْقِطًا لِلتَّخْيِيرِ مُوجِبًا لِلتَّكْفِيرِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ فِي مُدَّةِ الْوَقْفِ أَوْ مَاتَ لَمْ يَسْقُطِ الْإِيلَاءُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ آلَى ثَمَّ قَالَ لِأُخْرَى قَدْ أَشْرَكْتُكِ مَعْهَا فِي الْإِيلَاءِ لَمْ تَكُنْ شَرِيكَتَهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَزِمَتْهُ لِلْأُولَى وَالْيَمِينُ لَا يُشْتَرَكُ فِيهَا) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْإِيلَاءَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَعْقُودًا عَلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْقُودًا بِكُلِّ يَمِينٍ لَازِمَةٍ، فَإِنْ عَقْدَهَا بِاللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ، وَاللَّهِ لَا أَصَبْتُكِ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا يَعْنِي فِي الْإِيلَاءِ كَانَ مُولِيًا مِنَ الْأُولَى، وَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا مِنَ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَاهُمَا وَقَالَ لِلْأُخْرَى وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا يَعْنِي فِي الطَّلَاقِ كَانَ مُطَلِّقًا لَهُمَا وَهَكَذَا لَوْ ظَاهَرَ مِنْ إِحْدَاهُمَا ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا يَعْنِي فِي الظِّهَارِ كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهُمَا فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ لَمْ تَكُنِ الثَّانِيَةُ شريكة الأولى

<<  <  ج: ص:  >  >>