للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ أَرَدْتُ بِقَوْلِي: وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا أَنَّنِي مَتَى وَطِئْتُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ فَهُمَا طَالِقَانِ فَقَدْ زَادَ بِهَذَا شَرْطًا ثَانِيًا فِي طَلَاقِ الْأُولَى، فَلَمْ يَثْبُتْ وَكَانَ طَلَاقُهَا مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ وَطْؤُهَا وَالشَّرْطُ الثَّانِي وَهُوَ وَطْءُ الثَّانِيَةِ لَغْوٌ فِي طَلَاقِ الْأُولَى، ثُمَّ قَدْ عَلَّقَ طَلَاقَ الثَّانِيَةِ بِشَرْطَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَطْءُ الْأُولَى.

وَالثَّانِي: وَطْءُ الثَّانِيَةِ، فَلَا يَكُونُ مُولِيًا مِنَ الثَّانِيَةِ مَا لَمْ يَطَأِ الْأُولَى لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى وَطْءِ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهَا فَإِذَا وَطِئَ الْأُولَى صَارَ حِينَئِذٍ مُولِيًا مِنَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ مَتَى وَطِئَهَا طُلِّقَتْ.

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَقُولَ أَرَدْتُ بِقَوْلِي وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا أَنَّنِي مَتَى وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، كَمَا أَنَّنِي مَتَى وَطِئْتُ الْأُولَى كَانَتْ طَالِقًا، فَهَذَا يَكُونُ مُولِيًا مِنَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ مَتَى وَطِئَهَا وَحْدَهَا طُلِّقَتْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهَا شَرِيكَتَهَا فِي هَذِهِ الحالة الرَّابِعَةِ فَيَكُونَ مُولِيًا إِذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِالطَّلَاقِ، وَلَا يَكُونَ فِيهَا مُولِيًا إِذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِاللَّهِ تَعَالَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ تَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ، وَلَا تَنْعَقِدُ به اليمين بالله تعالى.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ قَالَ إِنْ قَرَبْتُكِ فَأَنْتِ زَانِيَةٌ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَإِنْ قَرَبَهَا فَلَيْسَ بِقَاذِفٍ إِلَّا بِقَذْفٍ صَرِيحٍ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ هَذَا مُولِيًا، لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إِصَابَتِهَا مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ عَلَّقَ إِصَابَتَهَا بِقَذْفٍ، وَلَيْسَ بِقَذْفٍ، وَلَا حَدَّ فِيهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ قَذْفًا لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ جَعَلَ وَطْأَهُ لَهَا زِنًا، وَهُوَ يَطَؤُهَا بِعَقْدِ نِكَاحٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ زِنًا، فَتَحَقَّقْنَا كَذِبَهُ فِيهِ، فَصَارَ كَقَوْلِهِ كُلُّ النَّاسِ زُنَاةٌ فَلَا يَكُونُ قَذْفًا وَلَا يُوجِبُ حَدًّا لِيَقِينِ كَذِبِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْقَذْفَ بِالزِّنَا إِخْبَارٌ عَنْ فِعْلٍ مَاضٍ وَهَذَا مُعَلَّقٌ بِفِعْلٍ مستقبل، فلم يكون قَذْفًا كَمَا لَوْ قَالَ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ زانية لم يكن قذف.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْقَذْفَ مَا كَانَ مُطْلَقًا، وَهَذَا مُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ، فَلَمْ يَصِرْ بِوُجُودِ الصِّفَةِ قَذْفًا كَمَا لَوْ قَالَ إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ زَانِيَةٌ، لَمْ يَكُنْ قَذْفًا وَإِنْ كَلَّمَتْهُ فَصَارَ فَسَادُ هَذَا الْقَذْفِ يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ وَسُقُوطُ الْحَدِّ يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ، وَمَنْعُ الضَّرَرِ بِالْوَطْءِ يُخْرِجُهُ مِنَ الْإِيلَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>