للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقَعُ طَلَاقُهُ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقِ الزوج بالطلاق والله أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: (وَيُقَالُ لِلَّذِيَ فَاءَ بِلِسَانِهِ مِنْ عُذْرٍ إِذَا أَمْكَنَكَ أَنْ تُصِيبَهَا وَقَفْنَاكَ فَإِنْ أَصَبْتَهَا وَإِلَّا فَرَّقْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي فَيْئَةِ اللِّسَانِ بِالْعُذْرِ، فَإِذَا زَالَ عُذْرُهُ زَالَ حُكْمُ فَيْئَتِهِ بِلِسَانِهِ وَطُولِبَ بِالْإِصَابَةِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مِنْ حُكْمِ فَيْئَتِهِ بِلِسَانِهِ أَنْ يَعِدَ بِالْإِصَابَةِ عِنْدَ إِمْكَانِهِ فَلِذَلِكَ كَانَ مَأْخُوذًا بِهَا لِأَجْلِ وَعْدِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْإِنْظَارَ إِذَا كَانَ بِعُذْرٍ زَالَ حُكْمُهُ بِزَوَالِ الْعُذْرِ كَإِنْظَارِ الْمُعْسِرِ وَكَإِنْظَارِ الْغَائِبِ بِالشُّفْعَةِ إِذَا حضر.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ أَحْرَمَتْ مَكَانَهَا بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَلَمْ يَأْمُرْهَا بِإِحْلَالٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ حَتَّى يُمْكِنَ جِمَاعُهَا أَوْ تَحِلَّ إِصَابَتُهَا) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَالْأَسْبَابُ الْمَانِعَةُ مِنَ الْوَطْءِ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ.

وَالثَّانِي: مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ.

فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَالْوَقْفُ الْمَأْخُوذُ فِيهِ وَقْفَانِ، وَقْفٌ لِلزَّوْجِ وَوَقْفٌ لِلزَّوْجَةِ فَأَمَّا وَقْفُ الزَّوْجِ فَهُوَ مُدَّةُ التَّرَبُّصِ الَّتِي ضَرَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُولِي، وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَأَمَّا وَقْفُ الزَّوْجَةِ فَهُوَ زَمَانُ الْمُطَالَبَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَخْلُ الْأَسْبَابُ الْمَانِعَةُ مِنَ الْوَطْءِ إِذَا كَانَتْ حَادِثَةً مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ أَوْ فِي مُدَّةِ الْمُطَالَبَةِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مُدَّةِ الْمُطَالَبَةِ فَجَمِيعُهَا مَانِعَةٌ مِنَ الْمُطَالَبَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَانِعُ الْمُضَافُ إِلَيْهَا لِعَجْزٍ أَوْ شَرْعٍ فَالْمَانِعُ لِعَجْزٍ كَالضَّنَا وَالْمَرَضِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ إِصَابَتُهَا، وَكَالْجُنُونِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ وَالْإِغْمَاءِ الَّذِي لَا تَمْيِزَ مَعَهُ وَالْحَبْسِ بِظُلْمٍ أَوْ بِحَقٍّ.

وَأَمَّا الْمَانِعُ بِالشَّرْعِ مَعَ الْمُكْنَةِ مِنَ الْوَطْءِ فَالْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ اسْتَحَقَّ فَسْخَهُ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ بِنَفْسِهَا عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ، وَالصَّوْمُ الْمَفْرُوضُ سَوَاءٌ تَعَيَّنَ زَمَانُهُ أَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لها

<<  <  ج: ص:  >  >>