للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحْدَهُ، وَيَسْقُطُ حَقُّهَا مِنَ الْمُطَالَبَةِ بِهَذَا الِامْتِنَاعِ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ مَمْنُوعٌ مِنَ الْمُطَالَبَةِ كَالدُّيُونِ الْمَبْذُولَةِ والله أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ قَالَتْ لَمْ يُصِبْنِي وَقَالَ أَصَبْتُهَا فَإِنْ كانت ثيباً فالقول قوله مع يمينه لأنها تدعي ما به الفرقة التي هي إليه وإن كانت بكراً أريها النساء فإن قلن هي بكر فالقول قولها مع يمينها (قال المزني) رحمه الله تعالى إِنَّمَا أَحْلَفَهَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يبالغ فرجعت العذرة بحالها) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا ادَّعَى الْمُولِي إِصَابَتَهَا لِيُسْقِطَ مُطَالَبَتَهَا وَأَنْكَرَتْ أَنْ يَكُونَ أَصَابَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا عَلَى حَقِّهَا مِنَ الْمُطَالَبَةِ لَمْ يَخْلُ حَالُهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الْإِصَابَةِ مَعَ يَمِينِهِ بِاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَهَا لِأَنَّ الْوَطْءَ يستسر بِهِ وَلَا يُمْكِنُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَقِيلَ فِيهِ قَوْلُ مُدَّعِيهِ كَالْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَلِأَنَّ بَقَاءَ النِّكَاحِ وَدَوَامَ صِحَّتِهِ أَصِلٌ قَدِ اسْتَصْحَبَهُ الزَّوْجُ بِدَعْوَى الْإِصَابَةِ وَالزَّوْجَةُ تَدَّعِي مَا يُخَالِفُ الْأَصْلَ مِنْ وُجُوبِ الْفُرْقَةِ بِإِنْكَارِ الْإِصَابَةِ فَكَانَ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ لِاسْتِصْحَابِهِ حُكْمَ الْأَصْلِ، فَإِنْ قِيلَ فَالْأَصْلُ أَنْ لَا إِصَابَةَ كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ الصِّحَّةُ، فَلِمَ اسْتَصْحَبْتُمُ الْأَصْلَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ؟ وَلَمْ تَسْتَصْحِبُوا الْأَصْلَ فِي عَدَمِ الْإِصَابَةِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ صِحَّةَ النِّكَاحِ أَصْلٌ مُتَيَقَّنٌ، وَعَدَمَ الْإِصَابَةِ أَصْلٌ مَظْنُونٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ، فَكَانَ اسْتِصْحَابُ الْأَصْلِ الْمُتَيَقَّنِ أَوْلَى مِنَ اسْتِصْحَابِ الْأَصْلِ الْمَظْنُونِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ لِجَوَازِ كَذِبِهِ، فَإِذَا حَلَفَ حُكِمَ بِسُقُوطِ حَقِّهَا مِنَ الْإِيلَاءِ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا، فَإِنْ حَلَفَتْ كَانَتْ عَلَى حَقِّهَا مِنَ الْإِيلَاءِ وَأُخِذَ بِالْفَيْئَةِ أَوِ الطَّلَاقِ وَلَمْ يُحْكَمْ بِقَوْلِ الزَّوْجِ فِي ثُبُوتِ الْإِصَابَةِ.

(فَصْلٌ:)

وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا أَنَّهُ لم يصيبها؛ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ مِنْ شَوَاهِدِ صِدْقِهَا فِي عَدَمِ الْإِصَابَةِ، فَصَارَ قَوْلُهَا أَقْوَى مِنْ قَوْلِ الزَّوْجِ، فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا قَالَ الْمُزَنِيُّ: إِنَّمَا أَحْلَفَهَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يُبَالِغْ فَرَجَعَتِ الْعُذْرَةُ بِحَالِهَا فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ إِنَّمَا يُحَلِّفُهَا إِنِ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يُبَالِغْ فِي الْإِصَابَةِ فَعَادَتِ الْعَذْرَةُ فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَدَّعِ لم يحلفها.

قال البغداديون بل يلحفها بِكُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ ادَّعَى الزَّوْجُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَدَّعِيهِ، لِأَنَّ دَعْوَاهُ الْإِصَابَةَ مَعَ الْبَكَارَةِ مُفْضٍ إِلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِي الدَّعْوَى، فَإِنْ حَلَفَتِ الزَّوْجَةُ كَانَتْ عَلَى حَقِّهَا مِنَ الْمُطَالَبَةِ بِالْفَيْئَةِ أَوِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ نَكَلَتْ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ حَقُّهَا مِنَ الْإِيلَاءِ وَإِنْ نَكَلَ حُكِمَ بِقَوْلِ الزَّوْجَةِ فِي بَقَاءِ حَقِّهَا مِنَ الْمُطَالَبَةِ فَعَلَى هَذَا لَوِ اخْتَلَفَ فِي الْبَكَارَةِ فَادَّعَتْهَا الزَّوْجَةُ لِيَكُونَ قَوْلُهَا مَقْبُولًا فِي عَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>