للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِطْلَاقِ أَوْلَى أَنْ يَلْزَمَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ قِيلَ لَوْ أَرَادَ الِاسْتِئْنَافَ لَزِمَتْهُ كَفَّارَتَانِ فَفِيهِ إِذَا أُطْلِقَ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِيمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يُرِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا، فَأَحَدُ قَوْلَيْهِ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ هَاهُنَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ واحدة.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَقَدْ زَعَمَ مَنْ خَالَفَنَا فِي الْوَقْفِ أَنَّ الْفَيْئَةَ فِعْلٌ يُحْدِثُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ فِي الْأَرْبَعَةِ الأشهر إما بجماع أو فيء معذور بلسانه وزعم أن عزيمة الطلاق انقضاء أربعة أشهر بغير فعل يحدثه وقد ذكرهما الله تعالى بلا فصل بينهما فقلت له أرأيت أن لَوْ عَزَمَ أَنْ لَا يَفِيءَ فِي الْأَرْبَعَةِ الأشهر أيكون طلاقاً؟ قال لا حتى يطلق قلت فكيف يكون انقضاء الأربعة الأشهر طلاقاً بغير عزم ولا إحداث شيء لم يكن؟) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا فَصْلٌ قَصَدَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ انْقِضَاءُ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ مُوجِبًا لِلطَّلَاقِ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِشَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنْ قَالَ لما كان لو عزم أن لا يفي فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا حَتَّى يُطَلِّقَ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ تَرْكُ الْعَزْمِ بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ طَلَاقًا حَتَّى يُطَلِّقَ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ فَحْوَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ ثُمَّ لَمْ تَكُنِ الْفَيْئَةُ إِلَّا مِنْ فِعْلِهِ فَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ الْحِجَاجِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ مُسْتَوْفًى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>