للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الظِّهَارِ)

(بَابُ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الظِّهَارُ ومن لا يجب عليه)

(مِنْ كِتَابَيْ ظِهَارٍ قَدِيمٍ وَجَدِيدٍ)

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٣] الْآيَةَ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الظِّهَارُ فَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الظَّهْرِ لِأَنَّهُ يَقُولُ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَيْ ظَهْرُكِ مُحَرَّمٌ عَلَيَّ كَتَحْرِيمِ ظَهْرِهَا وَخُصَّ الظَّهْرُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالرُّكُوبِ وَقَدْ كَانَ الظِّهَارُ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا رَجْعَةَ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ الْإِيلَاءُ.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ عُمِلَ بِهِ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ نُزُولِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ حُكْمُهُ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُمِلَ بِهِ ثُمَّ نُسِخَ.

وَقَالَ آخَرُونَ: لم يعمل به حتى تبين.

وَالسَّبَبُ فِي نُزُولِ حُكْمِ الظِّهَارِ مَا رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ فَشَكَتْ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَتْ: ظَاهَرَ مِنِّي حِينَ كَبِرَتْ سِنِّي وَرَقَّ عظمي.

وفي رواية بعد أن نثلث لَهُ كِنَانَتِي وَقَدُمَتْ مَعَهُ صُحْبَتِي وَابْنُهُ صِبْيَةٌ إن ضمهم إلي جاعا وإن ضمهم إليه ضاعا إِلَى اللَّهِ أَشْكُو عَجْزِي وَقَحْرِي - أَيْ هُمُومِي وَأَحْزَانِي -.

قَالَ أَنَسٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ الظِّهَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأوس أعتق رقبة فقال: مالي بِذَلِكَ يَدَانِ فَقَالَ: صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَقَالَ: أَمَا إِنِّي إِذَا أَخْطَأَنِي أَنْ آكُلَ فِي الْيَوْمِ يَكِلُّ بَصَرِي. قَالَ: فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ: مَا أَجِدُ إِلَّا أَنْ تُعِينَنِي مِنْكَ بِعَوْنٍ وَصِلَةٍ قَالَ: فَأَعَانَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا حَتَّى جَمَعَ الْآيَةَ اللَّهُ له (والله غفور رحيم) .

وَرَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ ظَاهَرَ فِي الْإِسْلَامِ زَوْجُ خَوْلَةَ فَأَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: مَا أَتَانِي فِي هذا شيء فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَالَ مِنِّي وَجَعَلَتْ تَشْكُو إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَبَيْنَمَا هُمَا كَذَلِكَ إِذْ نَزَلَ الْقُرْآنُ {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: ١] إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فتحرير

<<  <  ج: ص:  >  >>