للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعُضْوٍ مِنْ أُمِّهِ فَقَالَ: رَأْسُكِ عَلَيَّ كَرَأْسِ أُمِّي، أَوْ رِجْلُكِ عَلَيَّ كَرِجْلِ أُمِّي أَوْ يديك عَلَيَّ كَيَدِ أُمِّي كَانَ مُظَاهِرًا هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَنْصُوصِ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيمَنْ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ بِغَيْرِ أُمِّهِ مِنَ النِّسَاءِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي أَوْ بِنْتِي قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ يَكُونُ مُظَاهِرًا لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ كَأُمِّهِ وَقَالَ فِي القديم: لا يكون مظاهرا لأنه عدل عن الْأُمِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا. إِلَى غَيْرِهَا، فَعَلَى تَعْلِيلِ هَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا إِذَا عَدَلَ عَنِ الظَّهْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إِلَى غَيْرِهِ فَهَلْ يَجِيءُ فِيهِ تَخْرِيجُ هَذَا الْقَوْلِ إِنَّهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَجِيءُ فِيهِ تَخْرِيجُهُ وَيَكُونُ فِي تَشْبِيهِ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ الظَّهْرِ مِنْ أَعْضَاءِ أُمِّهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ، يَكُونُ مُظَاهِرًا لِأَنَّ التَّلَذُّذُ بِجَمِيعِهَا مُحَرَّمٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْقَدِيمُ لا يكون مظاهرا لأنه عدل من الظَّهْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إِلَى غَيْرِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ تَخْرِيجَ هَذَا الْقَوْلِ فِيهِ وَيَكُونُ مُظَاهِرًا قَوْلًا وَاحِدًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ عُدُولِهِ عَنْ أُمِّهِ إِلَى غَيْرِهَا وَبَيْنَ عُدُولِهِ عَنْ ظَهْرِ أُمِّهِ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ أَعْضَائِهَا أَنَّ حُرْمَةَ أُمِّهِ أَغْلَظُ فِي التَّحْرِيمِ مِنْ غَيْرِهَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ فَجَازَ أَنْ لَا يَكُونَ مُظَاهِرًا فِي التَّشْبِيهِ بِغَيْرِهَا، وَأَعْضَاءُ أُمِّهِ فِي الْحُرْمَةِ سَوَاءٌ فَكَانَ مُظَاهِرًا فِي التَّشْبِيهِ بِغَيْرِ ظَهْرِهَا.

وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَجْهًا ثَالِثًا فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ أَعْضَاءِ أُمِّهِ فَقَالَ: مَا كَانَ مِنْ أَعْضَاءِ أُمِّهِ مَخْصُوصًا بِالْكَرَامَةِ وَالتَّعْظِيمِ وَهُوَ كَالرَّأْسِ وَالثَّدْيِ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا فِي التَّشْبِيهِ بِهِ فَيَجْعَلُهُ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَرَأْسِ أُمِّي أَوْ كَثَدْيِ أُمِّي غَيْرَ مُظَاهِرٍ وَمَا كَانَ بِخِلَافِ هَذَا مِنْ أَعْضَائِهَا الَّتِي لَا تُقْصَدُ بِالْكَرَامَةِ وَتَعْظِيمِ الْحُرْمَةِ كَانَ بِهَا مُظَاهِرًا، فَإِنْ صَحَّ هَذَا التَّخْرِيجُ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا فَهَلْ يَكُونُ كِنَايَةً فِي الظِّهَارِ يَصِيرُ بِهِ مَعَ النِّيَّةِ مُظَاهِرًا أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ يَكُونُ كِنَايَةً يَصِيرُ بِهِ مُظَاهِرًا إِذَا نَوَاهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ كَالْعُرْفِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَكُونُ كِنَايَةً وَلَا يَصِيرُ بِهِ مُظَاهِرًا وَإِنْ نَوَاهُ كَمَا لَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ بِغَيْرِ أُمِّهِ كِنَايَةً وَلَا يَصِيرُ بِهِ مُظَاهِرًا وَإِنْ نَوَاهُ تَعْلِيلًا بِالْعُرْفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>