للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: وَبِهِ قَالَ فِي الْقَدِيمِ: يَلْزَمُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَتَدَاخَلُ الْكَفَّارَاتُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ كَالْحُدُودِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ مَا بَعْدَ الظِّهَارِ الْأَوَّلِ لَمْ يُفِدْ مِنَ التَّحْرِيمِ غَيْرَ مَا أَفَادَهُ الْأَوَّلُ فَلَمْ يُوجِبْ مِنَ الْكَفَّارَةِ غَيْرَ مَا أَوْجَبَهُ الْأَوَّلُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَبِهِ قَالَ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِكُلِّ ظِهَارٍ مِنْ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ فَيَلْزَمُهُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ خَمْسُ كَفَّارَاتٍ وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ بِمَا بَعْدَ الْأَوَّلِ كَثُبُوتِ الْأَوَّلِ اقْتَضَى أَنْ يُوجِبَ مِثْلَ مَا أَوْجَبَهُ الْأَوَّلُ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُطْلِقَ تَكْرَارَ ظِهَارِهِ فَلَا يُرِيدُ بِهِ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا فَيَكُونُ ظِهَارًا وَاحِدًا لَا يَجِبُ فِيهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ، وَلَوْ أَطْلَقَ تَكْرَارَ الطَّلَاقِ كَانَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى التَّأْكِيدِ وَلَا يَلْزَمُ إِلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ كَالظِّهَارِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ بِخِلَافِ الظِّهَارِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ يَنْقُضُ الْمِلْكَ فَكَانَ التَّكْرَارُ مُؤَثِّرًا فِيهِ وَالظِّهَارُ لَا يَنْقُضُ الْمِلْكَ فَلَمْ يُؤَثِّرِ التَّكْرَارُ فِيهِ.

(فَصْلٌ:)

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: تَكْرَارُ الظِّهَارِ مُتَفَرِّقًا، كَأَنَّهُ ظَاهَرَ مِنْهَا فِي يَوْمٍ ثُمَّ أَعَادَ

الظِّهَارَ مِنْ غَدِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ مِنْ بَعْدِ غَدِهِ. فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَيْضًا:

أَحَدُهَا: أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّأْكِيدَ فَيَكُونُ تَأْكِيدًا كَالْمُتَوَالِي وَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ كَرَّرَ الطَّلَاقَ مُفَرَّقًا وَأَرَادَ بِهِ التَّأْكِيدَ لَمْ يَكُنْ تَأْكِيدًا بِخِلَافِ الْمُتَوَالِي.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الطَّلَاقَ مُزِيلٌ لِلْمِلْكِ فَرُوعِيَ الْوَلَاءُ فِي تَأْكِيدِهِ وَالظِّهَارَ غَيْرُ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ فَلَمْ يُرَاعَ الْوَلَاءُ فِي تَأْكِيدِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُرِيدَ بِهِ الِاسْتِئْنَافَ فَيَكُونُ اسْتِئْنَافًا يَسْتَوِي فِيهِ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ فَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَإِنْ كَانَ الظِّهَارُ التَّالِي بَعْدَ التَّكْفِيرِ عَنِ الظِّهَارِ الْأَوَّلِ لَزِمَهُ فِي الثَّانِي كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ وَكَذَلِكَ فِيمَا يَلِيهِ إِذَا كَفَّرَ عَمَّا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ تَكْفِيرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ: -

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْقَدِيمُ يَلْزَمُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كُلِّهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْجَدِيدُ: يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ ظِهَارٍ مِنْهُ كَفَّارَةٌ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَنْوِيَ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّكْفِيرِ عَنِ الْأَوَّلِ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ عَنِ الْأَوَّلِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ: -

<<  <  ج: ص:  >  >>