للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَرُمَتْ عَلَيْهِ فِي مُدَّةٍ وَلَا يَكُونُ مُظَاهِرًا جمعاً بين تأقيت الْمُدَّةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا فَعَلَى هَذَا لَا يُرَاعِي فِيهِ الْعَوْدَ لِسُقُوطِ الظِّهَارِ.

فَأَمَّا الْكَفَّارَةُ: فَإِنْ لَمْ يَطَأْ حَتَّى مَضَتِ الْمُدَّةُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ فَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى ظَاهِرِ مَا قَالَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَيَصِيرُ بِخُرُوجِهِ مِنَ الظِّهَارِ مُحَرِّمًا لَهَا بِغَيْرِ ظِهَارٍ فَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ كَالْإِيلَاءِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَفْظَ التَّحْرِيمِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ وَالْإِيلَاءُ يَمِينٌ وَهَذَا غَيْرُ حَالِفٍ، وَيَكُونُ قَوْلُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مَحْمُولًا عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْإِيلَاءِ وَهَذَا الظِّهَارِ فَعَادَ جَوَابُهُ إِلَى الْإِيلَاءِ دُونَ الظِّهَارِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الطِّيبِ بْنِ سَلَمَةَ.

(فَصْلٌ:)

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونُ مُظَاهِرًا بِالْمُؤَقَّتِ كَمَا يَكُونُ مُظَاهِرًا بِالْمُطْلَقِ الْمُؤَبَّدِ وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الظِّهَارَ كَالطَّلَاقِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ شَهْرًا صَارَ طَلَاقُهُ مُؤَبَّدًا كَذَلِكَ إِذَا ظَاهَرَ مِنْهَا شَهْرًا صَارَ مُؤَبَّدًا فَيَسْتَوِي تقدير المدة وتأبيدها في الظهار كما يسستوي فِي الطَّلَاقِ فَيُفَرَّقُ تَقْدِيرُ التَّحْرِيمِ وَتَأْبِيدُهُ فِي الْمُشَبَّهِ بِهَا فِي الظِّهَارِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْوَقْتَ إِذَا دَخَلَ فِي الظِّهَارِ وَقَدْ قَابَلَهُ التَّأْبِيدُ فِي الْمُشَبَّهِ بِهَا فَصَارَ مُظَاهِرًا لِتَحْقِيقِهِ التَّشْبِيهَ، وَإِذَا دَخَلَ الْوَقْتُ فِي الْمُشَبَّهِ بِهَا لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا لِأَنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لِتَحْرِيمِ التَّشْبِيهِ فَعَلَى هَذَا يَصِيرُ عَائِدًا بِأَنْ يَطَأَ فِي الْمُدَّةِ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ حَتَّى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ فَلَيْسَ بِعَائِدٍ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ مَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ، وَالْمُقَيَّدِ فِي الْعَوْدِ: فَيَكُونُ الْعَوْدُ فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ إِمْسَاكَهَا مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ والظهار المقيد وطئها فِي مُدَّةِ الظِّهَارِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَوْدَيْنِ فِيهِمَا: أَنَّ لِلْمُقَيَّدِ غَايَةً فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْإِمْسَاكُ تَوَقُّعًا لِانْقِضَائِهَا فَلِذَلِكَ لَمْ يَصِرْ عَوْدًا وَلَيْسَ لِلْمُطْلَقِ فَكَانَ الْإِمْسَاكُ مُنَافِيًا لَهَا وَلِذَلِكَ صَارَ عَوْدًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيِّ وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا أَنْ يَكُونَ عَائِدًا فِيهِ بِالْإِمْسَاكِ كَعَوْدِهِ فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ لَمْ يَخْتَلِفْ صِفَتُهَا بِالتَّقْيِيدِ وَالْإِطْلَاقِ كَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ.

وَأَجَابَ قَائِلُ هَذَا الْوَجْهِ عَمَّا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ أَرَادَ عَقْدَ الظِّهَارِ بِالْوَطْءِ فِي مُدَّةٍ مُقَدَّرَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ وَطِئْتُكِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا فَلَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ وَإِنْ وَطِئَهَا صَارَ مُظَاهِرًا وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ إِذَا مَضَى عَلَيْهِ زَمَانُ الْعَوْدِ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ حَتَّى مَضَى لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>