للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيِ اسْتَحَقَّتْ عِتْقَهَا بِوَلَدِهَا لِأَنَّ تَجْوِيزَ عِتْقِهَا يَكُونُ بِمَوْتِهِ وَعِتْقُ الْكَفَّارَةِ مَا اخْتَصَّ بِهَا ولا يستحق بغيرها.

والثاني: أن استيلادها نَقْصٌ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ قُتِلَتْ وَجَبَ عَلَى قاتلها قيمتها ناقصة بالاستيلاد وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَمَالُ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ نَقْصًا كَانَ كَالزَّمَانَةِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ عِتْقِ الْكَفَّارَةِ.

(فَصْلٌ:)

فَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فَيُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ. وَقَالَ أَبُو حنيفة ومالك الأوزاعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَا يُجْزِيهِ عَنِ الْكَفَّارَةِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِمْ فِي أَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ لَا يَجُوزُ إِلْحَاقًا بِأُمِّ الْوَلَدِ. وَعِنْدَنَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إِلْحَاقًا بِالْمُعْتَقِ بِصِفَةٍ وَالْكَلَامُ عَلَى بَيْعِهِ يَأْتِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ أَعْتَقَ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا فَأَدَّى الرَّهْنَ وَالْجِنَايَةَ أَجْزَأَهُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا عِتْقُ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ عَنِ الْكَفَّارَةِ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقَاوِيلَ قَدَّمْنَا تَوْجِيهَهَا فِي كِتَابِ الرَّهْنِ.

أَحَدُهَا: أَنَّ عِتْقَهُ لَا يَصِحُّ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ.

وَالثَّانِي: يَصِحُّ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ.

وَالثَّالِثُ: يَصِحُّ مَعَ الْيَسَارِ وَلَا يَصِحُّ مَعَ الْإِعْسَارِ فَإِنْ أُبْطِلَ الْعِتْقُ فَالْكَفَّارَةُ بَاقِيَةٌ وَالْعَبْدُ رَهْنٌ بِحَالِهِ وَإِنْ صَحَّ الْعِتْقُ بَطَلَ الرَّهْنُ وَأَجْزَأَهُ عِتْقُهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ كَامِلُ الْمِلْكِ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ الْعِتْقَ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَيُؤْخَذُ مِنَ الرَّاهِنِ الْمُعْتِقِ قِيمَتُهُ فَإِنْ كَانَ أَلْحَقُ حَالًّا جَعَلْتَهُ قِصَاصًا وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهَا رَهْنًا مَكَانَهُ أَوْ يَجْعَلَهَا قِصَاصًا مِنَ الْحَقِّ فَإِنْ أُعْسِرَ بِهَا أُنْظِرَ إِلَى مَعْسَرَتِهِ ثُمَّ غُرِّمَ مِنْ بَعْدِ يَسَارِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا عِتْقُ الْعَبْدِ الْجَانِي عَنِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ فَكَاكِهِ مِنَ الْجِنَايَةِ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ يَنْفَذُ عِتْقُهُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَنْفَذُ عِتْقُهُ فَقَدْ ذَكَرَ فِي نُفُوذِ عِتْقِهِ قَوْلَيْنِ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مَحَلِّ الْقَوْلَيْنِ عَلَى ثَلَاثِ طُرُقٍ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْقَوْلَانِ فِي جِنَايَةِ الْخَطَأِ، فَأَمَّا جِنَايَةُ الْعَمْدِ فَيَنْفَذُ عِتْقُهُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْقَوْلَانِ فِي جِنَايَةِ الْعَمْدِ فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ خَطَأً فَلَا يَنْفَذُ عِتْقُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْقَوْلَانِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ مَعًا فَإِنْ سَوَّيْنَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ سَوَّيْنَا بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ، فََإِنْ فَرَّقْنَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَفِي تَفْرِيقِنَا بَيْنَ الْمُوسِرِ والمعسر وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>