للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: لِأَنَّهُ مَشْكُوكُ الْحَالِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَمْلًا صَحِيحًا وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ غَلَطًا أَوْ رِيحًا.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى الدُّنْيَا فَيَجْرِي عَلَيْهِ الْإِجْزَاءُ وَلِهَاتَيْنِ الْعِلَّتَيْنِ لَمْ نُوجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ، فَلَوْ سَقَطَ الْحَمْلُ حَيًّا لَمْ يُجْزِهِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَمْلِ إِذَا وُضِعَ وَبَيْنَ الْمَغْصُوبِ إِذَا خُلِّصَ أَنَّ الْمَنَافِعَ فِي الْمَغْصُوبِ مَوْجُودَةٌ وَإِنْ مُنِعَ مِنْهَا وَفِي الْحَمْلِ مَعْدُومَةٌ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْأُمَّ عُتِقَتْ مَعَ حَمْلِهَا، وَكَانَ الْإِجْزَاءُ مُخْتَصًّا بِعِتْقِ الْأُمِّ دُونَ الْحَمْلِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ عِتْقِ الْأُمِّ حَيْثُ سَرَى إِلَى حَمْلِهَا وَبَيْنَ عِتْقِ الْحَمْلِ حَيْثُ لَمْ يَسْرِ إِلَى أُمِّهِ أَنَّ الْحَمْلَ تَابِعٌ وَالْأُمَّ مَتْبُوعَةٌ.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوِ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ عُتِقَ بِمِلْكِهِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الَّذِينَ يُعْتِقُونَ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ فَهُمُ الْوَالِدُونَ مِنَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ، وَالْمَوْلُودُونَ مِنَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَأَوْلَادِ الْبَنِينَ وَأَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَلَا يُعْتَقُ مَنْ عدا هذين الطرفين من الأقارب والعصبات فإن اشْتَرَى أَحَدَ هَؤُلَاءِ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ عَتَقُوا عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ وَلَمْ يُجْزِهِ عَنِ الْكَفَّارَةِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا اشْتَرَى أَحَدَهُمْ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ أَجْزَأَهُ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهَا رَقَبَةٌ سَلِيمَةٌ صَادَفَتْ نِيَّةَ الْحُرِيَّةِ بِسَبَبِ الْعِتْقِ فَوَجَبَ أَنْ تُجْزِئَهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ كَالْعَبْدِ الْقِنِّ، وَلِأَنَّ الْعِتْقَ بِالْمِلْكِ أَقْوَى مِنَ الْعِتْقِ بِالْمُبَاشَرَةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُتَحَتِّمٌ وَبِالْمُبَاشَرَةِ مُخَيَّرٌ فَلَمَّا أَجْزَأَهُ عِتْقُ الْمُبَاشَرَةِ كَانَ أَوْلَى أَنْ يُجْزِيَهِ عِتْقُ الْمِلْكِ، وَلِأَنَّ الْعِتْقَ بِالْمِلْكِ قُرْبَةٌ وَعِتْقَ الْكَفَّارَةِ قُرْبَةٌ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ فَكَانَ اجْتِمَاعُهُمَا أَوْلَى بِالْإِجْزَاءِ، وَلِأَنَّ تَرَادُفَ الْقُرَبِ فِي الْمَحَلِّ الْوَاحِدِ لَا تَمْنَعُ مِنَ الْإِجْزَاءِ كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا بِصَوْمٍ فَاعْتَكَفَ شَهْرَ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ وَعَنْ نَذْرِهِ.

وَدَلِيلُنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رقبة} فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُحَرِّرَ عِتْقَ رَقَبَةٍ وَهَذَا عِتْقٌ بِغَيْرِ تَحْرِيرٍ فَلَمْ يُجْزِهِ لِإِخْلَالِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَلِأَنَّهُ عِتْقٌ ثَبَتَ بِحَقِّ الِاسْتِيلَاءِ فَلَمْ يُجْزِهِ عَنِ الْكَفَّارَةِ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَلِأَنَّهُ عِتْقٌ مُسْتَحَقٌّ بِالْقَرَابَةِ فَلَمْ يُجْزِهِ عَنِ الْكَفَّارَةِ كَمَا لَوْ مَلَكَهُ بِالْإِرْثِ فَنَوَى بِهِ الْكَفَّارَةَ مَعَ الْإِرْثِ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُسْتَحَقَّ بِسَبَبٍ إِذَا صُرِفَ بِالنِّيَّةِ عَنْ ذِكْرِ السَّبَبِ إِلَى الْكَفَّارَةِ لَمْ يُجْزِهِ عَنِ الْكَفَّارَةِ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إِذَا دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ نَوَى قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ أَنْ يَصِيرَ بِدُخُولِهَا حُرًّا عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يُجْزِهِ، وَلِأَنَّ الْعِتْقَ تَكْفِيرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>